تعذر على تسيبي ليفني تشكيل حكومة ائتلافية بعد فوزها بزعامة حزب كاديما، وعلى الرغم من خبرتها في العمل السياسي منذ عام 1980م حيث كانت مندوبة الموساد في باريس إلى عام 1984م، وانتخبت عضواً في البرلمان "الكنيست" في عام 1999م وكانت لها أدوار بمشاركتها في لقاءات الأمن العليا التي تعقد برئاسة رئيس الوزراء من موقعها في حزب تجمع الليكود وشاركت في تأسيس حزب كاديما عام 2005م، وكل هذا التاريخ السياسي الحافل لم يمكن تسيبي ليفني من النجاح في تشكيل الحكومة الإسرائيلية بسبب أمرين مهمين: الفراغ السياسي الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط نتيجة التصرف الخاطئ في العراق، والاصرار على الاستمرار فيه، وزاد من هذا الفراغ السياسي الأمريكي الأزمة المالية الحادة التي انتقلت عدوتها من أمريكا إلى كافة الأسواق المالية في مختلف الدول في الوقت الذي لا يمكن علاجه لأن إدارة الرئيس جورج بوش تلفظ أنفاسها الأخيرة بقرب خروجها من السلطة والحكم في واشنطون. الأمر الثاني المهم، تكتل الأحزاب السياسية ضد ايهود باراك مع شاؤول موفاز على منعها من موقعها في حزب كاديما تشكيل الحكومة الإسرائيلية لأنها ستعجز عن الأخذ بإسرائيل إلى النصر في وسط العواصف السياسية والاقتصادية التي تجتاح منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة وإسرائيل بصفة خاصة، لم يكن هذا الموقف الوحيد ضدها، وإنما تعددت العداءات لها من الأحزاب المختلفة، يتضح ذلك من شروط حزب شاس التي جاءت على لسان زعيمه ايلي يشائي بطلبه رفض الحكومة الجديدة التفاوض بشأن القدس ومستقبلها، أو الاتفاق على قضايا السلام من العرب، وطالب بعون مالي يدور حول 600مليون دولار أمريكي تقدمها الحكومة عند تشكيلها إلى الجماعات الدينية في داخل إسرائيل وهي طلبات يصعب على تسيبي ليفني الاستجابة لها؛ لأنها ملزمة بالتفاوض السلمي مع الفلسطينيين، صحيح أنها ذات خبرة في التفاوض دون الوصول إلى نتيجة باعتبارها خبيرة في تضييع الوقت وتفويت الفرص بهدف استكمال استيطان اليهود على الأرض الفلسطينية ولكنها لا تستطيع أن تقبل بصورة علنية ما يطالب به إيلي بشائي زعيم الحزب الديني شاس. يضاف إلى هذا الموقف المتشدد لحزب شاس موقف حزب تجمع الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو الذي يذهب إلى حتمية إجراء انتخابات مبكرة في البرلمان "الكنيست" للإطاحة بحزب كاديما بفقدانه للأغلبية وحصول حزب تجمع الليكود عليها فيصبح من حق بنيامين نتنياهو تشكيل الحكومة الائتلافية الجديدة.. كما أن حزب العمل الذي يقوده ايهود باراك وزير الدفاع يسعى إلى مساعدة اليهود للانتقام من حرب يوليو عام 2006م بإشعال حروب جديدة وعديدة للتغلب على الإحساس الذي ساد بين الشعب الإسرائيلي حول تدهور هيبة ردع تل أبيب لكل من يفكر أو يقدم على الاعتداء عليها. يزيد من قوة هذا التوجه الإسرائيلي عدم نجاح الوساطة العربية بين الفلسطينيين لإصرار حماس على محادثات ثنائية مع فتح وقوبل ذلك بالرفض خصوصاً بعد ظهور الفراغ السياسي الأمريكي الذي جعل واشنطون تتخلى عن دورها في التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين الذين صمموا على ترك الفلسطينيين منقسمين والعمل على توسيع شكل الاحتلال والعمل بكل قوة على تفشيل الجهود العربية الرامية إلى تحقيق النجاح لمبادرة السلام. هذا الفشل العربي دفع بنيامين نتنياهو زعيم حزب تجمع الليكود يخطط لتقسيم الضفة الغربيةالمحتلة إلى مجموعة من المناطق الاقتصادية المنفصلة بعضها عن بعض، وأكد أكثر من مرة في أكثر من مناسبة أن التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين لا يمثل أية أهمية له أو للتوجه الإسرائيلي بصفة عامة، ومعنى ذلك أن التفاوض مع الفلسطينيين إذا قام مع تسيبي ليفني أو مع غيرها من الذين ستؤول إليهم السلطة لن يهدف اطلاقاً إلى تسوية النزاع الدائر اليوم بين إسرائيل والفلسطينيين بل انهم سيؤججون نار النزاع الفلسطيني الفلسطيني حتى ينصرفوا بالخلافات بينهما إلى نسيان حقوقهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والمطلوب من تسوية تقيم الدولة الفلسطينية عليها الذي أصبحت مجرد حلم لأن كل القيادات الإسرائيلية غير راغبة في تحقيق ذلك وساعية إلى إقامة إسرائيل الكبرى فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة. إن التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزارة الإسرائيلية المستقيل ايهود أولمرت من حتمية إقامة الدولة الفلسطينية وإعادة الأراضي المحتلة لأصحابها هو خداع وكذب والدليل على ذلك أن عهده شهد أكبر حملة استيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فلقد تم بناء ما يزيد على أربعة آلاف وحدة سكنية جديدة في أنحاء مختلفة من الضفة الغربية، وأن هناك ما يزيد على ألفي وحدة سكنية بالضفة الغربية أيضاً تحت البناء والإنشاء، وإن نصف هذه الوحدات السكنية تم إنشاؤها في مستوطنات تقع شرق الجدار الفاصل في قلب الضفة الغربية وهذا يعني رغبة إسرائيل في مواصلة احتلال كامل الضفة الغربية واعتبارها مجالاً اقليمياً لإسرائيل الكبرى التي تسعى إلى إقامتها بعد الغاء الوجود الفلسطيني عن هذه الأرض، يضاف إلى هذا العدوان الإسرائيلي على الأرض في الضفة الغربية عدوان أخطر ببناء حوالي 3000وحدة سكنية في القدس وكان ذلك بهدف ارضاء حزب إسرائيل بيتنا اليميني المتطرف برئاسة افيجدور ليبرمان، وهذا السلوك الإسرائيلي يدل على عدوان سافر ضد الفلسطينيين بهدف القضاء المبرم على إنشاء دولة فلسطينية. عجز تسيبي ليفني في تشكيل حكومة ائتلافية فرض بالضرورة إجراء انتخابات برلمانية مبكرة سيفوز فيها حزب تجمع الليكود الذي سيوصل بنيامين نتنياهو إلى رئاسة الوزارة الإسرائيلية وستقوم حكومته الائتلافية على أساس أن العرب يشكلون خطراً على مستقبل اليهود مما يجعلهم أعداء لإسرائيل التي لن تتنازل عن إقامة إسرائيل الكبرى التي يتزعم الدعوة إليها ميخائيل عوفاديا الذي قرر بأن إسرائيل تعطي مهلة عشر سنوات لطرد جميع العرب الفلسطينيين من أرض الميعاد إسرائيل ليصبح كل مواطنيها من اليهود باعتبار هذه الأرض كلها خاصة بهم.