مقتل طفل غزاوي في عين بعض القنوات يشبه مقتل رجل يقود سيارته فيصطدم بعامود إنارة.. كلاهما قتلى في نظر بعض القنوات التي تزعم "الموضوعية". لا يهمنا في هذا السياق التفضيل بين القنوات في تغطية الأخبار الفلسطينية لكن ما يهم فعلاً هو تناول القضايا التي تطرح في معرض الدفاع عن أي قناة لا تطرح القضية الفلسطينية بشعور (الانتماء والولاء) لها، فبعض الكتّاب صار يلوّح بموضوعية القنوات التي يجب أن تتبع وأن على القناة أن تتحلى بالحيادية في نشرها للخبر دون أن تؤثر عاطفياً على المشاهدين من خلال سرد الخبر، متناسين أن من الحقائق المثبتة في علوم الاتصال أنه لا يمكن لأي إعلام أن يكون موضوعياً؛ فالإعلام/الوسيلة المسيّرة للمجتمعات لا يمكن أن يكون بلا (فكر أيديولوجي) والذين يقولون بموضوعية الإعلام يتحدثون عن واقع مثالي لا يُدرك ولا يكون إلا في صفحات كتبهم، فالإعلام مؤدلج يتأثر بفكر المرسل للرسالة الإعلامية، وحين تكون الموضوعية المزعومة على حساب (انتمائنا) للقضية تكون المشكلة، ذاك لأننا نعرض الحقيقة (مشوهة وناقصة). أتمنى أن يقرأ المتغنون بالموضوعية والحيادية في نقل أخبار غزة هذا المقطع المقتبس عن كتاب (إرهاب إسرائيل المقدس) والذي يحكي يوميات جندي صهيوني تحدث فيها عن تجربته مع الجيش "الإسرائيلي" في بداية الخمسينات، إذ سألته صحيفة "هآرتس الإسرائيلية" حينذاك عما إذا كان يشعر بوخز الضمير جراء ما فعل، فنفى ذلك، وقال إن طعن العدو بالسكين (شيء رائع.. يمنحك إحساساً بأنك رجل حقاً!). هكذا كان ومازال الإرهاب (المسكوت عنه) في فلسطين، وبعض قومنا يستكثر على ضحايا هذا الهجوم أن يصفهم بالشهداء!.