الأسرار: ؟ باربرا (جودي دينش) في فيلم (Notes on a Scandal ) وهي تدون مذاكرتها اليومية تطلق أحد تعابيرها اليقينية: "لطالما ائتمنني الناس على أسرارهم - لكن من أأتمن على أسراري ؟ أنتِ، أنتِ وحدك). وتعني أن أوراق مذاكرتها هي حافظة سرها. لاحقاً تلك المذكرات اليومية تورط باربرا وتجعل صديقتها تقرأ سرها في تلك المذكرات. الأسرار هي محور الفيلم.. واللحظة التي يكشف فيها السر يبجلها الجميع وكل يدير مسألة السر بطريقته. باربرا الحاضنة لأسرار الآخرين تأخذ السر وتكتمه لكنها تجعله وسيلة ضغط على الطرف الآخر. أما "شيبا" فهي ترى في السر حالة غواية ما (بدا وكأنه سرّنا.. والأسرار قد تكون مغرية أحيانا)، والمراهق الصغير ستفين كولي يجد في السر لفتة تصعد به درجة في سلم الذكورة (لست عبقرياً ولكن لست أحمق. لن أخبر أحداً بما يحدث بيننا). أما المعلم الأبله براين كما وصفته باربرا، يلتقط حكاية السر ويلعب بحماقة دور الواشي. فعلها ووشى بعلاقة شيبا مع معشوقها الصغير ستفين كونلي. لكن الأسرار التي تنطق بها شخصيات الفيلم تصنع الحكاية وتجعل الأحداث تتوتر وتجعل الشخصيات تتعرى.. وحدها باربرا تفلسف الأسرار وتكتبها في مذكراتها في حالة من التباهي واللذة. المكان: ليس مصادفة أن تكون المدرسة الحاضنة لأحداث الفيلم. وأن الأخطاء لا تصدر من التلاميذ فقط، فالمعلمون والمعلمات أخطاؤهم أفدح وأعمق. باربرا المتعالية في بداية الفصل الدراسي تقول بعجرفة (ها قد أتوا شباب المنطقة، سبّاكو المستقبل، عمال المتاجر، وبلا شك الإرهابيون المنحرفون أيضا. فيما مضى كنا نصادر السجائر والمجلات الإباحية والآن السكاكين والكوكايين ويسمونه تقدماً). هذه الإدانة من معلمة لطلاب المدرسة تكشف لنا مدى الفجوة بين التنظير والتطبيق في الأمور الأخلاقية، وأن المعلم النموذج هو نموذج معطوب ومخترق، وأن الانحدار الأخلاقي للجيل الشاب هو بسبب غياب النموذج الحقيقي. باربرا: باربرا ليست مجرد امرأة عانس لها رغباتها الخاصة. هذا الجانب السيئ المعلن هو نتاج شخصية متعالية، حادة الطباع، تعيش في عزلة قاسية. وتتباهى بأن لها ذكاء يفهم ما يدور حولها. هي تزهو بعدم محبة الطلاب لها، لكنها تفخر بأنهم يحترمونها. استطاعت الترويج لشخصيتها الحاسمة حتى مع زملائها وتتوارى بشخصيتها الجادة والحاسمة عن سرها المخجل. هذه الشخصية البائسة لا تحظى بالحب وبالتالي لا تعرف منح المشاعر. حتى في الحب الخاطئ لا تعرف كيف تدير المسألة العاطفية. فهي تحمل مفاهيم مغلوطة عن المحبة وعن الصداقة. ولمجرد أن (شيبا) لم تتضامن معها حزنا على وفاة قطتها وشت بها. بل إنها ترى أن ذلك عقاب تستحقه شيبا. كانت باربرا تكاشف نفسها وتقول (جميعهم يخذلونك) فهي لا تعترف بأخطائها وتقول:إني مخلصة في صداقاتي؟ وأنا أفعل المستحيل من أجل من أحب. باربرا تظن أنها أذكى من الجميع وأنها وحدها تدرك كيف تخفي أسرارها، فعندما ذهبت لأول مرة لمنزل شيبا تأنقت بأكثر مما يجب وكانت تقول: على المرء أن يبذل مجهودا حينما يتلقى دعوة، ومن الذكاء ألا يبدو عليه ذلك) لكن ابنة شيبا علقت على تأنقها المتكلف ب"هل أنتِ ذاهبة إلى موعد؟". الحسم والجدية المصطنعة لم تكن تستر باربرا تماما. حتى عندما واجهها مدير المدرسة بأنها متواطئة مع شيبا قالت بصلف: سجلي هنا ناصع البياض، أغلب المعلمين يعتبرونني ولية أمرهم. شيبا هارت (كيت بلانشيت): على النقيض من شخصية باربرا تأتي شخصية شيبا معلمة الفنون. امرأة لا تخجل من أن تعلن أنها امرأة بائسة وتعتقد الجميع يعرف ذلك. تصفها باربرا بأنها المرأة المتسرعة الفورية. شيبا لم تكن مهيأة للعب دور المرأة الصالحة. فهي وإن تغاضت عن فارق العمر مع زوجها، وإن تحملت عبء تربية طفل مصاب بالبله المنغولي. إلا إنها لم تتحمل الفجوة التي في داخلها.. تقول (تعرفين الزواج والأطفال أمر رائع.. لكنه لا يعطيك معنى. يعطيك المسؤولية لكن لا يساعدك). وفي مشهد آخر تبوح لباربرا (كنت صالحة طيلة حياتي، كنت زوجة مخلصة، أماً مطيعة في تحمّل بن، صوت بداخلي يردد: لم تقترفي سوءاً، لن تأثمي). شيبا المتصالحة مع نفسها تبدو أقرب للساذجة. فهي تمتن لباربرا لأنها لم تخبر المدرسة بسرها، وتصدق الطالب الصغير حين أدعى مرض أمه وقسوة والده معه، وتفرح بصخب طفولي حين تعرف أن زميلتها حامل. كانت غارقة في عفويتها، لكنها لم تكن محظوظة عندما امتزجت عفويتها بدهاء ومكر باربرا. النهاية: بينما تعود شيبا لمنزل زوجها. نجد باربرا في ذات المقعد الذي تتفاخر به، بأنه يحتوي ذاكرة لعلاقاتها القديمة، تؤسس لحكاية جديدة مع صديقة أخرى بذات البدايات التي تتقنها. وكأن المخرج يؤكد مقولة ريتشارد زوج شيبا (الأشياء لا تحدث، الناس يفعلون الأشياء).