سجل السوق العقاري في السعودية تحركات مختلفة، خلال العام الحالي لاحتواء ما يمكن أن يكون أزمة مقبلة في السكن والمساكن، من خلال برامج حكومية مرنة تبنتها أمانة منطقة الرياض، وبرامج تمويل عقاري من خلال صندوق معاشات التقاعد، إضافة إلى برامج صندوق التنمية العقاري. وجاء التضخم الذي شمل جميع السلع الاستهلاكية والإيجارات، مخيباً لآمال كثير من الراغبين في التملك أو حتى الاستئجار، وتسببت تداعيات الأزمة العالمية التي دفعت البنوك المحلية في تقنين تمويل الأفراد ورفع نسب الفائدة، وكذلك أحجامها عن تمويل شركات التطوير العقاري، في تراجع تداول العقارات عموماً، والمساكن خصوصاً، الأمر الذي دفع بأسعار المساكن المعدة للتملك إلى التراجع بنسب متفاوتة، ومنطقية.... أما العقارات التجارية كالمكاتب والبنايات والمعارض والمجمعات التجارية، فلم تشهد تغيراً كبيراً في الأسعار أو الطلب، نظراً لأن المستفيدين من هذه المنتجات شرائح مختلفة تماماً. ويدخل العام الجديد، حاملاً تغيرات دورية مالية تتمثل في الزيادة السنوية، وبدل غلاء المعيشة، والتي يمكن لكثير من الموظفين الحكوميين، الاستفادة منها من خلال توجيهها إلى برامج (توفير عقاري) من خلال تملك وحدة عقارية (أرض، شقة، فيلا..). لقد استقطب القطاع العقاري اهتماما استثماريا كبيرا خلال الأعوام العديدة الماضية، حيث تضافرت الجهود في إنعاش هذا القطاع التي تتلخص في السيولة المرتفعة، الميل للحفاظ على الرساميل في الداخل وفي المنطقة، أسعار الفائدة المتدنية، العوائد المرتفعة المتوقعة في قطاع العقارات، التوسع في عمليات الإقراض المصرفي، إضافة إلى المدن الاقتصادية التي تعتبر أوعية استثمارية جاءت تلبية لمتطلبات المرحلة التي نعيشها خاصة بعد انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية والسعي الحثيث على إيجاد بيئة استثمارية تلاءم وطبيعة المتغيرات والمستجدات الحالية وتشجع الشركات العالمية على الدخول إلى المنطقة وخاصة السوق السعودي،حيث تعد المدن الاقتصادية بوابة المملكة على العالمية ومحط أنظار المستثمرين في العالم. ويتزامن ذلك كله مع عودة رؤوس الأموال المهاجرة من الخارج عقب الحادي عشر من سبتمبر وتوفر سيولة كبيرة بالسوق السعودي تبحث عن فرص استثمارية لتدوير تلك الأموال. ويرفض السوق العقاري السعودي "عملياً" محاولات التشكيك في مستقبله الاستثماري، من خلال مشاريع تطوير عقاري كبرى في الرياضوجدة بقيمة تقدر بأكثر من 147مليار ريال. وشهدت السوق العقارية حركة متسارعة تمخضت عن ضخ مشاريع عقارية عملاقة من خلال إنشءات حكومية أوعقد الصفقات في المعارض العقارية الكبرى سواء التي تقام في داخل المملكة أو خارجها. وأكد خبراء عقاريين أن السوق متينة على رغم حالة الركود الحالية، لافتين إلى أن العقار يشهد حال ترقب وتوقف استعداداً لانطلاقة كبيرة. وأشاروا إلى أن مشاركة أكثر من90 شركة عقارية فعاليات معرض جدة للعقار والتمويل والإسكان الدولي «جركس 2009»، الذي يرعاه أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل خلال الفترة من 8 إلى 12 محرم، أكبر دليل على ذلك. ومن المنتظر أن يشهد المعرض الذي تنظمه مجموعة الجيل لتنظيم المعارض والمؤتمرات بإشراف من اللجنة العقارية في الغرفة التجارية الصناعية في جدة ومحافظة جدة والجمعية السعودية لعلوم العمران في مركز جدة للمنتديات والمؤتمرات في جدة العديد من الاتفاقيات التي تؤكد رسوخ وقوة الاقتصاد العقاري السعودي بدون التأثر بما تعانيه بعض الدول والأزمات المالية العالمية. وقدر هؤلاء العقاريون حجم الاستثمارات العقارية في المملكة بنحو تريليون ريال خلال العام الحالي، ما يجعل المملكة تحتل مركزاً متقدماً كأكبر سوق عقارية في العالم، مشيرين إلى أن القطاع العقاري السعودي حقق خلال السنوات الخمس الماضية نمواً في رأس المال الثابت في السوق العقارية تجاوزت نسبته 40% بين عامي 2000 و2005، وارتفع قطاع العقار والتشييد في الناتج المحلي الإجمالي السعودي من 41.7 مليار ريال في عام 2000 إلى أكثر من 54.5 مليار ريال. كما أوضحوا ان دخول شركات إقليمية كبرى في السوق العقارية السعودية سينتج منه إقامة مشاريع طويلة الأمد، مشيرين إلى أن التقديرات الرسمية لحاجة السوق المتنامية تشير إلى حاجة المملكة إلى أكثر من 5 ملايين وحدة سكنية جديدة في جميع مدنها بحلول العام 2020. وقدرت دراسة اقتصادية حاجة المملكة إلى 640 مليار دولار استثمارات عقارية في 20 سنة المقبلة، فيما قُدر حجم الاستثمارات في بناء المخططات والعقارات الجديدة في المملكة وفق آخر الإحصاءات على المدى القصير ب 484مليار ريال بحلول عام 2010 وما لا يقل عن 1.5 مليون وحدة سكنية جديدة، بينما قدر حجم الاستثمار في العقار حتى الآن 1.4 تريليون ريال. وشدد مستثمرون على أهمية إنشاء هيئة عليا للاستثمارات العقارية تشرف على سوق العقار والعمل على استحداث الأنظمة والتشريعات الخاصة بتجارة العقار بما يتماشى مع نظام الاستثمار الأجنبي ويتوافق مع التطورات الاقتصادية المحلية والدولية ودخول المملكة في منظمة التجارة العالمية، لتقنين هذه الصناعة وإسناد الأنظمة والتشريعات إلى الهيئة المقترح إنشاؤها، مشيراً إلى أن إنشاء هيئة عليا للعقار يعد محركاً أساسياً لتفعيل النهوض بالمؤشر الاقتصادي العام ورفع قطاع صناعة العقار ودورها في تطوير عجلة التنمية. كما شددوا على أهمية الصناديق العقارية واعتبروها من أهم الآليات التي يجب توفرها بهدف تمويل المشاريع الضخمة في السعودية، مرجعين ذلك إلى أن التمويل عادة يحتاج إلى ضمانات ضخمة، وفي المشاريع الكبيرة قيمة الأرض ليست الضمان، لأنها أقل من قيمة المشروع، وبالتالي يجب أن تكون هناك آلية ثانية هي الصناديق العقارية التي تجمع مبالغ من المال قابلة للربح والخسارة، ويكون الضمان هو المشروع". وتوقعوا أن يسهم تطبيق نظام الرهن العقاري في المملكة في حل الكثير من العقبات التي تعترض نمو السوق العقارية، من خلال تسهيل عمليات التمويل والحد من ارتفاع أسعار العقارات وتوافر المساكن بشكل كبير. وأكدوا أن التمويل البنكي ما زال ضعيفاً ولا يناسب تطلعات السعوديين عموماً ويجب أن تكون سريعة وسلسة، بمعنى أن تخدم المواطنين والتجار وتحدث نقلة نوعية في العقار بعيداً عن التحفظات، إذ إن القطاع العقاري يمر بضغوطات وتحفظات من الواجب إزاحتها لينطلق ويزيد الاستثمار فيه، خصوصاً أن السعودية تمر بمرحلة تطور في مختلف الميادين التنموية التي تعتبر صناعة العقار من أهمها في السعودية. وكان المواطنون السعوديون تفاعلوا واستبشروا خيراً مع قرار مجلس الوزراء السعودي الذي صدر أخيراً القاضي بإنشاء هيئة مستقلة تعنى بالإسكان... وتهدف الهيئة إلى توفير السكن المناسب بضوابط مناسبة لاحتياجات المواطنين بطرق سهلة وميسرة. وتحقق الهيئة نقلة "تاريخية" لإيجاد بيئة اجتماعية "جديدة" تحل مشكلة الإسكان مع الاهتمام بالمواصفات العمرانية التي تناسب الوضع التي تعيشه المملكة من تطور وحضارة في كافة المجالات. وأشاروا إلى أن من الأسباب عدم السماح بزيادة الارتفاعات على الشوارع الرئيسة، وصعوبة إخراج المستأجر من العقار، مما شجع المستأجرين على المماطلة في السداد لعدة أشهر أو لسنوات عدة. ودعوا إلى تفعيل قرار مجلس الوزراء الذي ينظم العلاقة بين المالك والمستأجر، والذي تضمن "جواز إخلاء العقار من المستأجر في حال امتناعه عن الوفاء بالأجرة عند استحقاقها أو الوفاء بشرط آخر من شروط الإيجار بعد مضي 15 يوما على إخطاره بالوفاء. وجددت مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما"، تأكيدات المملكة عزمها على المضي قدما في تنفيذ مشاريعها للتنمية على الرغم من انخفاض عائداتها النفطية، أملا في استغلال الفرص التي يتيحها انخفاض تكاليف البناء. وأوضحت "ساما" إنه مع تباطؤ نشاط البناء العالمي وتراجع تكاليف البناء فإنها فرصة طيبة للمملكة للمضي قدما بالإنفاق على التنمية حتى إذا كان ذلك يعني الاستعانة بالاحتياطيات المالية للبلاد. وقدرت المملكة إيرادات عام 2008 بنحو 450 مليار ريال، فيما وضعت النفقات عند 410 مليارات ريال. وتعتقد تقارير اقتصادية أن هذه الأرقام بنيت على أسعار للنفط لا تتجاوز 48 دولارا. وتتفق هذه التقارير مع تأكيدات خادم الحرمين الشريفين حيث قال: إن الحكومة لم تبن ميزانيتها على الأسعار العالية التي كان عليها النفط، وبالتالي لن تتضرر من المستويات الحالية للأسعار. وقد ضخت المملكة عشرات المليارات من الدولارات من الفوائض التي حققها ارتفاع أسعار النفط خلال السنوات الست الماضية لتقليص الديون التي انخفضت إلى 19 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2007 من 105 في المائة في عام 1999. كما استغلت السعودية إيرادات النفط القياسية خلال السنوات الست الماضية في بدء برنامج تنمية طموح لتلبية احتياجات السكان الذين يزداد عددهم سريعا. وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، قد أعلن في قمة مجموعة العشرين الاقتصادية التي عقدت أخيرا في واشنطن، ضخ 400 مليار دولار على مدى خمسة أعوام المقبلة للإنفاق على الاستثمارات الحكومية والإنفاق على المشاريع الإنمائية والخدمية. وكانت الحكومة قد ألزمت وزارة البترول تزويد وزارات: الشؤون البلدية والقروية والعدل والزراعة بخرائط مناطق امتيازات شركات الزيت والغاز وخرائط مناطق امتيازات ومحجوزات ورخص التعدين في جميع مناطق البلاد، وتحديثها بشكل دوري، بالإضافة إلى إلزام المحاكم وكتابات العدل عدم إصدار صك لأي أرض تقع ضمن مناطق الامتيازات والمحجوزات ورخص التعدين الواردة. كما طلب مجلس الوزراء من وزارة الشؤون البلدية والقروية، ألا تعتمد تخطيط أي أرض تقع ضمن مناطق الامتيازات والمحجوزات ورخص التعدين، إلا بعد التنسيق في ذلك مع وزارة البترول والثروة المعدنية، الأمر الذي يسد ثغرة بعض المشاكل التي واجهت بعض المساهمات العقارية في المنطقة الشرقية من البلاد. وفي سعي الحكومة إلى تكامل المنظومة الاقتصادية، سعت إلى تحويل موارد مالية لمعالجة قضية الإسكان، من خلال دفع عجلة التمويل العقاري، إذ زادت دعمها لصندوق التنمية العقارية من خلال ضخ ما يقارب 25 مليار ريال من خلال الميزانية العامة للدولة. كما أعلنت المؤسسة العامة لمعاشات التقاعد برنامجا لشراء المساكن، إضافة إلى دخول عدد من شركات التمويل العقاري في هذا المجال، حيث تم إشهار ما يقارب 6 شركات تمويل عقاري باستثمارات تتجاوز 7 مليارات ريال. كما نشطت عدد من الشركات التي تدير المدن الاقتصادية إلى توقيع عقود للعمل بالمدن الاقتصادية، إذ سعت شركة اعمار المدينة الاقتصادية إلى توقيع عقود مختلفة لضمان سير العمل في المدينة، حسبما هو مخطط له. وقدر تقرير خليجي حجم الاستثمارات العقارية المتوقعة للسنوات الثلاث المقبلة في السعودية بنحو 22 مليار دولار (82 مليار ريال) من أصل 50 - 70 مليار دولار احتياجات دول الخليج من المشروعات الانشائية حتى عام 2009 وذلك بحسب بيانات المؤسسة العربية لضمان الاستثمارات. وقال التقرير الصادر عن شركة مزايا القابضة الكويتية، ان القطاع العقاري في المملكة مقبل على طفرة غير مسبوقة يحدوها النمو الكبير في أعداد قاطني المملكة وأعداد الحجاج والمعتمرين المتزايدة عاماً بعد عام، بالإضافة إلى الجهود الريادية في تنشيط السياحة غير الدينية. وأكد التقرير، أن السوق العقاري بالمملكة يمكن وصفه بالعملاق الذي أخذ يستفيق نتيجة الإصلاحات التشريعية والمالية التي يواكبها طلب كبير ومتزايد، مشدداً على ان فتح المجال أمام غير السعوديين بتملك العقارات أعطى دفعة قوية للقطاع، حيث يتوقع ارتفاع مساهمة الانشاءات والعقارات في الدخل المحلي إلى مستويات مرتفعة مقارنة بنحو 12٪ حالياً. وكانت المملكة قد أقرت نظاماً لتملك الأجانب للعقار واستثماره في المملكة إلا انه يستثني تملك الأجانب للعقار داخل حدود مدينتي مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة. ويشترط النظام على المستثمرين سواء كانوا أشخاصاً طبيعيين أو اعتباريين ان يكون صدر لهم ترخيص بنشاط مهني أو حرفي أو اقتصادي على ألا يقل المبلغ المستثمر عن 30 مليون ريال. وتعطي المادة الثانية منه غير السعوديين المقيمين بصورة مستقرة حق تملك العقار لسكنهم الخاص بعد موافقة وزارة الداخلية. ويقدر عدد المقيمين الذين يتوقع أن يمتلكوا عقارات في السعودية بعد تطبيق هذا القرار بحوالي 220 ألف مقيم، مما سيعزز من نشاط قطاع العقارات والإنشاءات في المملكة. وبعد انفتاح السوق السعودي، بدأ المستثمرون الخليجيون في النظر إلى السوق السعودي بمزيد من الاهتمام ومن تلك الاستثمارات مدينة الملك عبدالله الاقتصادية التي تطورها شركة اعمار السعودية وباستثمارات تصل إلى 100 مليار ريال، الأمر الذي فتح الباب واسعاً أمام تدفق الاستثمارات نحو القطاع العقاري السعودي ومنها المدينة الاقتصادية في حائل ومدينة المعرفة وغيرها العشرات من المشاريع والمساهمات العقارية في مناطق مختلفة من المملكة. يشار إلى أن تقارير رسمية أكدت في وقت سابق أن السوق يحتاج 5.4 ملايين وحدة سكنية جديدة بحلول العام 2020، فيما يتوقع البنك الأهلي السعودي بناء نحو 2,3 مليون وحدة سكنية حتى العام 2020 وبمعدل 145 ألف وحدة سكنية سنوياً، وبحجم استثمارات يصل إلى تريليون ريال سعودي.