66 هدفاً يملكها نجوم «العميد» و«الزعيم»    التأسيس.. إرث تاريخي لدولة عظيمة    وزير الاتصالات يجتمع بقادة كبرى الشركات العالمية    من التأسيس إلى تنمية الإنسان.. جذورٌ راسخةٌ وقيمٌ شامخة    ذكرى التأسيس.. بناءٌ وتكريس    يوم التأسيس.. استذكار تاريخ المجد وبناء المستقبل المشرق للمملكة    سفير جيبوتي: التأسيس نقطة انطلاق نحو نهضة حضارية وسياسية عظيمة    السعودية.. «حجر الزاوية» في النظام الإقليمي    النور يواجه العربي القطري في نصف النهائي بالبطولة الخليجية لكرة اليد    الملاكمون يواجهون الميزان في الرياض قبل ليلة الحسم غدًا    «اقتصاد السعودية».. مؤشرات ترسّخ المكانة العالمية    مدرب الاتفاق ينتقد رونالدو ودوران    الفتح أول المتأهلين لممتاز كبار اليد    "نخبة الطائرة" .. سيدات النصر يُتوّجن باللقب    يوم بدينا    السعودية من التأسيس إلى معجزة القرن ال 21    الماضي ومسؤولية المستقبل    «دربك».. أول إطار سعودي يحصل على علامة الجودة ويتجه نحو التصنيع المحلي.    بدعوة من ولي العهد.. انعقاد اللقاء الأخوي التشاوري في مدينة الرياض    رئيس مجلس إدارة مجموعة stc والرئيس التنفيذي يهنئان القيادة بمناسبة يوم التأسيس    أكاديمية الإعلام السعودية تختتم معسكرها التدريبي "مستقبل الإعلام في الذكاء الاصطناعي التوليدي"    يوم التأسيس في عيون مجلس وادي القرى الثقافي بالعلا    من الدرعية إلى الأفق.. يوم التأسيس ورحلة المجد السعودي    الخطة أن نبقى أحياء بين المؤسسين عبدالرحمن الداخل ومحمد بن سعود    دورة لمنسوبي نادي جمعية الكشافة للحصول على شارة "هواية الصحفي"    رئيس مجلس الشورى يستقبل رئيس مجلس النواب الأردني    تدشين مهرجان البن الثاني برجال ألمع    أمانة القصيم تطلق 60 فعالية في 38 موقعًا احتفاءً بيوم التأسيس    ضبط شخصين في الرياض لترويجهما مواد مخدرة    مدير عام فرع هيئة الهلال الأحمر بمنطقة القصيم يلتقي بمكتبه مدير الدفاع المدني    هذا اليوم فخر واعتزاز لكل مواطن بجذور وامتداد وطنه    في يوم التأسيس نستذكر تاريخ هذه الدولة العريق وأمجادها الشامخة    "مدير تعليم الطائف" يوم التأسيس رحلة عطاء حافلة بالإنجاز منذ ثلاثة قرون    حرس الحدود بمكة: إنقاذ مواطن تعطلت واسطته البحرية في عرض البحر    مستشار الأمن القومي الأميركي: زيلينسكي سيوقع اتفاق المعادن قريباً    شرطة الرياض: القبض على يمنيين لمخالفتهما نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص    قسم الإعلام الإلكتروني بالجامعة السعودية الإلكترونية يشارك في معرض FOMEX بالمنتدى السعودي للإعلام 2025    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الأميرة العنود بنت محمد بن عبدالعزيز آل سعود    الأمير فيصل بن سلطان: يوم التأسيس ذكرى وطنية راسخة تعزز مكانة المملكة ودورها الريادي في العمل الخيري والسلم العالمي    خطيب المسجد الحرام: العافية أجمل لباس، وهي لذة الحياة والناس وبغية الأحياء والأموات    وزارة الشؤون الإسلامية تنظم ندوة علميّة تزامناً مع ذكرى يوم التأسيس    الشؤون الإسلامية في جازان تنهي تجهيزات الجوامع والمساجد استعدادًا لاستقبال شهر رمضان المبارك    قادة الخليج والأردن ومصر يتوافدون لعاصمة القرار العربي    زيارة "فريق الوعي الصحي التطوعي" التابع لجمعية واعي جازان لمؤسسة دار رعاية الفتيات    قرارات ترمب المتطرفة تفاقم العزلة الدولية وتشعل التهديدات الداخلية    "السهلي"تهنئ القيادة الرشيدة بمناسبة يوم التأسيس    كبار علماء الأمة يثمنون رعاية خادم الحرمين لمؤتمر بناء الجسور بين المذاهب    احتمالية الإصابة بالسرطان قد تتحدد قبل الولادة    مُرهق عاطفياً؟ هذه الطرق تساعدك على وقف استنزاف مشاعرك    5 عادات تبدو غير ضارة.. لكنها تدمر صحتك    ثلاثة قرون .. السعودية شامخة    علاقة وثيقة بين المواطنين والقادة    شخصيات اجتماعية ل«الرياض»: يوم التأسيس ذكرى تجسد الوحدة وتُلهم الأجيال لصنع المستقبل    عم إبراهيم علوي في ذمة الله    الهرمونات البديلة علاج توقف تبويض للإناث    الصداع العنقودي أشد إيلاما    قطر تؤكد أن استقرار المنطقة والعالم مرتبط بحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية    آباء يتساءلون عبر «عكاظ»: لماذا غاب التدرّج في الاختبارات المركزية؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطورة التكيف مع الإرهاب
نشر في الرياض يوم 03 - 12 - 2008

في زحمة أحداث هذا الأسبوع، يصعب على المرء متابعة ما يجري، وترتيب الأولويات. فالهجوم الإرهابي الذي ضرب مدينة مومباي الهندية فاجأ العالم، ففي الوقت الذي بدأت العمليات الإرهابية بالتراجع حول العالم، لم ينته هذا العام إلا بعمل إرهابي عنيف لعله الأبرز منذ هجمات 11سبتمبر 2001.تقارير عديدة كالتقرير السنوي لمكافحة الإرهاب - الذي تصدره وزارة الخارجية الأمريكية -، أو تقرير الإتحاد الأوروبي "حالة واتجاهات الإرهاب"، كلها راهنت على أننا سنشهد تراجعا في عمليات الإرهاب عاما بعد عام، وعلى الرغم من تأكيد هذه التقارير على استمرار خطورة الإرهاب - وعدد عملياته المخططة - إلا أن جهود الحكومات والتعاون الإستخبارتي فيما بينها من شأنه أن يساهم في تقليص العمليات الإرهابية.
الآن نعرف أن توقع زوال الإرهاب سريعا، أو التعويل على تجاوز هذه المرحلة التاريخية ما يزال مبكرا. عملية مومباي - للأسف - تطور نوعي وكمي في قدرات الجماعات الإرهابية، إذ استطاع بضعة عشر من المسلحين شل مدينة تجارية مزدحمة - بل أحد عواصم المال في العالم - في وضح النهار، ونشر الرعب والخراب في أرجائها لعدة أيام. تحول خطير في تكتيكات الإرهابيين في سبيل تحقيق أكبر قدر من الدمار والقتل، إذ العمليات الانتحارية التفجيرية ليست الأداة الوحيدة الممكنة بالنسبة لهم.
طوال السنوات السبع الماضية، خاض العالم نقاشا وجدلا حول موضوع الإرهاب، وكان العالم الإسلامي والعربي في مركز هذا النقاش. كلنا نقر بأن الإرهاب لا دين له، وأن وجود أفكار وجماعات متطرفة - مستترة خلف لبوس الدين - يمكن تتبعه في أغلب ديانات ومذاهب العالم، وأن العالم الإسلامي ليس بدعا في ذلك. لكن يجب الإقرار أن عدد أولئك الذين يقومون بأعمال إرهابية - باسم الإسلام - يفوق تعداد المتطرفين في الديانات الأخرى في العصر الحديث. هذا لا يعني أن الإسلام دين تطرف أو عنف، بل على العكس من ذلك، فهؤلاء هم قلة بالنسبة لمجموع العالم الإسلامي، وهم يستهدفون المسلمين - وحكوماتهم - تماما كما يستهدفون غيرهم من الديانات، بل إن مجموع العمليات التي استهدفت المسلمين في أنحاء البلدان الإسلامية - لاسيما العراق وأفغانستان - تفوق مجموع العمليات التي نفذت في أنحاء مختلفة من العالم.
بيد أن هذا لا يعني أن العالم الإسلامي والعربي معفي من المسؤولية. إذ أن خروج مئات المتطرفين من بين أبنائه، واستهدافهم له في المقام الأول، يجعله بمواجهة أسئلة أخلاقية كبيرة بخصوص رؤيته للعالم. المتطرفون - سواء كانوا إرهابيين أو دعاة عنف مسيسين - يقودون حملة معلنة لإختطاف الإسلام والقضايا العربية والإسلامية، وهم يريدون فرض رؤيتهم المتطرفة على عموم العالمين العربي والإسلامي. ولو تمت مراجعة عملياتهم لأدركنا أن كل عملية ينفذونها فإنما يريدون من ورائها فرض منطقهم على الدول الإسلامية. زعيم القاعدة أسامة بن لادن جند عددا من السعوديين ضد بلدهم، ونفذ بهم عملية سبتمبر لضرب العلاقات السعودية الأمريكية. فيما نفذ المتطرفون عشرات العمليات داخل بلدان إسلامية بهدف ضرب الحكومات وإضعافها، فيما يقومون كل مرة بتجنيد مواطنين من بلد إسلامي لضرب مصالح أوطانهم مع البلدان الأخرى.
ما حدث مؤخرا في مومباي استمرار لهذا المسلسل، فهم يجندون مسلمين هنود وباكستانين وبريطانين لضرب مصالح بلدان كالهند وباكستان، والتأثير على مصالح المسلمين في أوروبا. المسألة خطيرة، وفي حين أن الجهود الأمنية مهمة إلا أنها في النهاية معركة "عقول وقلوب". العالم الإسلامي والعربي لم يبذل الجهود الكافية (فكريا) لمكافحة هذا التطرف. أعلم أن هناك فتاوى عديدة يطلقها علماء ودعاة، ومبادرات حكومية، وهناك مشروعات أخرى أكثر تقدما نحو تصحيح أفكار أعداد من المقبوض عليهم، ولكن التحدي مازال قائما. لست أقلل من تلك الجهود فلولاها لواجهنا عمليات أكثر وأعنف، ولكن ما أريد الإشارة إليه هو أننا بحاجة إلى مستوى (نقدي) مختلف في التعامل مع هذا الخطر الداهم.
المشكلة الرئيسية التي بدأت تقلل من تيقظنا تجاه الإرهاب هو أن الكثير منا قد بدأ يتكيف - أو يتأقلم مع الإرهاب - أفرادا وحكومات، ولست أعني بذلك قبوله أو الرضى به، وإنما التعود عليه عبر تقديم إجابات معلبة وجاهزة لتفسيره، تبرىء الأنا، وتلوم الخارج على المشكلة. خذ مثلا التفسير الذي يلوم المشكلات السياسية على توفير مناخ التطرف والإرهاب، فعدم حل القضية الفلسطينية أو الكشميرية أو غيرها، هو الوقود الذي يشعل النار في هذه الحرب، أو أن المظالم التي يتعرض لها المسلمون هنا أو هناك يستخدمها المتطرفون كقضايا لتجنيد الإرهابيين وتبرير جرائمهم.
كل هذا صحيح، ولكن استخدام المظالم السياسية كتفسير لظاهرة الإرهاب ليس كافيا. إنك لا تستطيع أن تحل ظاهرة الإرهاب عبر حل المشكلات السياسية في العالم، لأنك أولا لا تستطيع أن تحل كل مشاكل العالم السياسية، أو توفي حق المظالم كلها، وثانيا، أولئك الذين يديرون تلك العمليات الإرهابية لا يهدفون حقيقة لوقف تلك النزاعات، أو استيفاء الثأر لتلك المظالم، بل نشر الرعب والإرهاب بهدف إسقاط حكوماتهم وفرض شرعيتهم الدينية - بتفسير متطرف - لتحقيق أهدافهم السياسية.
أزمة التكيف (التأقلم) مع الإرهاب ليست خاصة بالعالم الإسلامي والعربي، بل حتى في الغرب هناك من يعتقد أن ما نشهده هو نتائج سياسات غربية خاطئة، وأن الاستغناء عنها يحل المشكلة، ففي الولايات المتحدة - مثلا - قامت حملة أوباما بتعميم فكرة مؤداها أن بيئة الخوف الدائم من الإرهاب (إشارة إلى الإدارة الحالية) مضرة، وأنه حان الوقت لتغيير الصفحة، وقد ساهمت هذه الفكرة - من بين أمور عديدة - في تراجع أهمية الإرهاب إلى المرتبة الرابعة (أقل من 10بالمائة) في سلم أولويات الناخبين الأمريكيين في
2008.الأخطاء السياسية تولد مناخا خصبا للتطرف، مثلا بعض أخطاء إدارة الرئيس بوش (إهمال أفغانستان وغزو العراق) ساهمت في ازدياد الإرهاب، وإعطاء التبريرات للمتطرفين، ولكنها في الوقت ذاته لم تخلق هذه الظاهرة أو تبتدعها. أمريكا - وآخرين - ساهموا في تنشئة رموز الجهاد والعنف في أفغانستان وأماكن أخرى خلال الثمانينات والتسعينات، ولكنهم لم يوجدوهم من العدم. فالذين اغتالوا الرئيس السادات، وأولئك الذين شنوا حملات القتل في الجزائر نشأوا في حضن البيئة الداخلية قبل عقود من تحول الإرهاب الأصولي إلى ظاهرة دولية، ربما ساهمت المشكلات السياسية - وبينها أخطاء أمريكا والغرب - في توفير البيئة والمناخ الملائمين لنمو هذا الخطر، ولكن جذوره الفكرية والدينية هما في عمق العالم الإسلامي. وهو خطر يتهدد في المقام الأول مصالح العالمين العربي والإسلامي.
الملك عبدالله بن عبدالعزيز، هو واحد من بين القلائل من زعماء العالم الذين انتبهوا لهذا الأمر، وتأتي جهوده لتعزيز الحوار بين الأديان والحضارات دليلا على وعيه بأهمية التغيير من الداخل. إن نشر ثقافة التسامح الديني والحوار هما الأولوية للعالم - لاسيما البلدان الإسلامية والعربية -، لأن من شأن ذلك أن يحجم الفرصة أمام أعداء السلام، والتعايش المشترك بين المسلمين وغيرهم. الإرهاب يتغذى على تعظيم المظالم، ونشر التفاسير المتطرفة للدين، والعالم الإسلامي يحتاج إلى وقفة مع تلك الأفكار التي تمهد للتطرف، وتدعوا للتعصب والغلو الديني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.