تبنت لجنة تابعة للأمم المتحدة قراراً يدعو لمنع تحقير الأديان عموماً، مع الإشارة إلى رفض لصق الإرهاب بالإسلام. الأمر لا يعنيني ببعده الأممي وهو أمرٌ يستحق الاهتمام ولكن ما يهمني كمسلمة هو استيعابنا لمثل تلك القرارات بحيث نتعامل معها وفق منظور إيجابي نستفيد منه لصالح نشر الإسلام خاصة وأن الممارسات الإرهابية من بعض مدعي الإسلام للأسف شوهت صورة هذا الدين المرتكز على التسامح والحب وجعلت منه تشريعاً للحرب والدم فقط. أعتقد أن البدء في تنويع الدعوة للإسلام أمرٌ تحتمه المتغيرات العالمية التي للأسف بعضها جاء بأيدينا وليس بسبب غيرنا حين مارس بعضنا فكره عبر حزام ناسف يفجر به نفسه دون اكتراث بأرواح الأبرياء. نُدرّس صغارنا كيف كان رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو يؤسس للدين الإسلامي يوصي صحابته بالحفاظ على الأرواح بل والحفاظ على الشجر لم يطلب منهم قتل العدو بل أكد على فضل الروح الإنسانية وأن القتل لم يكن هدف المسلم بل الدعوة لهدايته بمشيئة الله هي الهدف من تلك الغزوات وقت تأسيس الإسلام وليس الآن..؟؟ واليوم ونحن نعيش عصر الاتصال والإنترنت وسهولة إيصال المعلومة نعلّم أبناءنا الدعوة للإسلام عبر القنابل البشرية..؟؟ الإشكال لم يكن يوماً في الإسلام ولم يكن في علماء الدين بل كان منذ بدايات الإسلام في فئة تعتقد انها وصية على الدين دون غيرها. الرسول عليه الصلاة والسلام أكد أنه إنما بعث ليتمم مكارم الأخلاق.. إذن نحن رسل الإسلام في تحقيق تلك المكارم من حب وتسامح وأمانة وحسن تعامل وحسن ظن واحترام للآخر أياً كان هذا الآخر.. ولعل لقاء الأديان الذي تبناه خادم الحرمين الشريفين وعقد منه أكثر من لقاء كان آخرها في نيويورك يؤكد وعي الملك عبدالله بأهمية الدعوة للإسلام عبر التسامح مع الأديان الأخرى وأن نفصل بين الدين ومن يمثله من عداءات سياسية أو اقتصادية لأن تلك الأديان في بداية الأمر ونهايته أديان سماوية وإن حرِّفت. إذن اليوم أمامنا الأبواب فتحت من جديد للدعوة للإسلام عبر منافذ تحترم أديان أو نظم أو قوانين الآخرين بل ونستثمر علومهم في إيصال الإسلام كدين يتضمن تعاملات ومنهج حياة كما يتضمن عبادات. أمامنا الأزمة الاقتصادية لنا قدرة في التعامل معها وفق نظام اقتصادي يرتكز على ثوابت الدين ويستعين بتطور العصر.. وأمامنا عالم يناشد بحقوق الإنسان وحماية البيئة ونحن نؤمن بدين ركز على كل ذلك بنصوص قرآنية واضحة لا تحتمل الاجتهاد. أعتقد أن الدعوة للإسلام الآن متاحة إن تخلصنا من عدائنا للأديان الأخرى وإن أدركنا أن دورنا الدعوة وليس الوصاية على الإسلام لأن الله قال (إنا نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) احترامنا لأديان الآخرين يجنبنا عداءهم مع ديننا كنتيجة أولى ويساعدنا على تقديم الإسلام بشكل أفضل.