من أكثر المواضيع التي تطرح في المجالس والمنتديات الشبابية، قضية وجود السينما في السعودية. والمسألة حساسة لدى المجتمع السعودي لأسباب عديدة من ضمنها التخوف من (السينما) وأثرها في أخلاقيات المجتمع، وبظني أن المسألة أبسط مما يتصورها المؤيدون والمعارضون. وأن الوقت الذي يبذل للسجالات الطويلة بين التيارين ما هو إلا وقت ضائع لا فائدة منه على المدى البعيد، في الزمن الذي نبصر أنفسنا من خلاله بعد عشر سنوات من اليوم؛ فالمحبون للسينما يعلمون تماماً أن مشكلتنا مع الفنون ليست في عدم وجود صالة للسينما فنحن متأخرون جداً في الفنون بشكل عام، وتأخرنا لا تحكمه الآلات ولا الإمكانات المادية بل هو تأخر "فكري" من الدرجة الأولى في الرؤية الناضجة والمستقلة للفن، والمعارضون يعلمون أن عدم وجود السينما لم يؤخر عرض الأفلام ولم يحد من انتشارها لدى الناس فهي تعرض في كل مكان ويُحصل عليها بطريقة مجانية عن طريق الإنترنت ووجود السينما من عدمه لن يغير في حقيقة الأمر شيئاً. فمشكلتنا الحقيقية هي: (ماذا نعرض؟).. وعليه دعونا ننقل نقاشاتنا من افتتاح السينما إلى (ماذا سنعرض في هذه السينما، وهل نملك ما يستحق العرض؟) فالسينما ليست "تهريجاً" نستعيره من الدول العربية ولا "إثارة" أوروبية ولا "تراجيديا" مستعارة لأحزان الآخرين.. السينما صناعة ثقافية وحضارية تلعب دوراً ريادياً في إدارة المجتمع، السينما وجه من أوجه التعبير الجميل التي تحتاج لاحترافية عالية ورؤية فنية مختلفة ومستقلة. لا نريد أن نفتتح السينما لنكون عالة على هوليوود وبوليود، ولا نريد أن نكتشف بعد زمن أن جيلاً مضى قد أهمل قضايانا الجوهرية وانهمك في مناقشة مسائل أخرتنا كثيراً في أن نصنع لأمتنا (فنّا)..