اجتمع وزراء مالية الدول السبع الكبرى في واشنطن يوم الجمعة لمناقشة الأزمة المالية العالمية، واتفقوا على ما سماه وزير الخزانة الأمريكي هنري بولسون "خطة عمل هجومية" لمواجهة الأزمة، وتتلخص في عدة نقاط أهمها: 1اتخاذ إجراءات حاسمة واستخدام "جميع" الوسائل المتاحة لدعم المؤسسات المالية ومنعها من الانهيار. 2اتخاذ جميع الخطوات لفك الجمود المخيم على أسواق المال. 3ضمان توفير رؤوس الأموال للبنوك من المصادر الخاصة والعامة. 4تقوية نظم التأمين على الودائع. ومن الواضح أن وزراء مالية الدول الكبرى توفرت لديهم القناعة بأن هذه الأزمة خانقة فعلاً لأسواق المال، لم ير العالم مثيلاً لها منذ عام 1987، ومن الممكن بسهولة أن تنتقل العدوى من أسواق المال إلى القطاعات الإنتاجية، في حال استمرت البنوك في سياستها الانكماشية المتحفظة في الإقراض، وهناك ستكون النتائج مدمرة حقاً. في ظل الظروف غير المستقرة للأسواق. ومن هنا كان الحديث عن استخدام "جميع" الوسائل المتاحة لدعم البنوك ومنعها من الانهيار. ويُقصد بذلك دعم للوسائل غير المسبوقة مثل تأميم بعض البنوك في بريطانيا، وخطة الإدارة الأمريكية في شراء حصص كبيرة في البنوك التجارية، بعد أن أقرت خطة شراء الرهون العقارية المتعثرة. ومن حسن الحظ أن وزراء المال في الدول الصناعية لم يستمعوا كثيراً إلى آراء بعض الأصوليين الذين يعارضون التدخل الحكومي لحل هذه الأزمة، ويظنون بأن الأسواق ستصحح نفسها بنفسها. وهو تطبيق ساذج للنظرية الاقتصادية الكلاسيكية التي تؤمن بقدرة الأسواق اللامحدودة على حل مشاكلها بنفسها، وهو أمر قد يكون صحيحاً على المدى الطويل. ولكن وكما قال عالم الاقتصاد الإنجليزي المشهور بمعارضته لهذه الأطروحة جون ماينارد كينز "في المدى الطويل سنكون قد متنا جميعا." ولهذا فإن المهم هو انقاذ هذا الجيل وعدم الاعتماد على حلول نظرية قد تصح أو تخطئ. وفوق ذلك فإن الثمن غير المعلن لآلية السوق هو أن "القوي يأكل الضعيف" إلى أن تستقر السوق بيد عدد محدود من الأقوياء، وهو أمر لا تقبله اي حكومة، مهما كان التزامها بالمبدأ الرأسمالي. إن خطة الدول السبع الكبار، على محدوديتها، تبشر بالخير، فلعلها تعني أن الجهات المختصة في الدول الأخرى ستحذو حذوها وتتدخل بقوة لحل أزماتها الاقتصادية، سواء كانت في أسواق المال، أو أسواق العمل، أو القطاعات الإنتاجية، دون خوف من الرقباء على النقاء الرأسمالي، الذين بدوا في هذه الأزمة في موقف حرج، وهم يرون كبار قادة العالم الصناعي يضربون بنصائحهم عرض الحائط. ماذا يعني هذا على المستوى المحلي والإقليمي؟ أحد ما يعنيه أن الوقت قد حان للتفكير "خارج الصندوق" بأن تقوم الجهات الحكومية القادرة بالتدخل في الأسواق بجرأة وحكمة، لوقف الانهيار وإعادة الأمور إلى نصابها.