انتشرت الأفران الأوتوماتيكية في وقتنا الحاضر في كافة مناطق بلادنا،واستطاعت من خلال معداتها الآلية أن تصنع من الطحين أنواعا جديدة لم تكن معروفة في القدم من معجنات وحلويات إضافة إلى رغيف الخبز الآلي، إلا أنها ومع ذلك لم تستطع إزالة النكهة القديمة في الرغيف التنوري، ولو عاد بنا الزمن لرأينا أن الفرن كان مجمعا دافئا يلتقي عنده أبناء الحارة الواحدة يتجاذبون فيه أطراف الحديث ما دام الخبَّاز يعدُ لهم رغيفهم،أما في البيوت فقد كانت رائحة شواء الخبز على التنور الطيني تفوح منذ الصباح الباكر،حيث تقوم الأم بإعداد الرغيف لأبنائها وتجد الأبناء بجوارها ملتفين حول ذلك التنور منتظرين نضوج ذلك الرغيف،ومنظر الأم وهي تجمع الحطب من حول التنور وتضعه داخله لتزيد من إيقاده لتقوم بعدها بإخراج تلك الأرغفة ساخنة وتقدمها لأبنائها في صورة تجسد صور الحب والعطاء لأولئك الأبناء ولتعطيهم الأمان والشبع الكافيين. وفي وقتنا الحاضر استمرت هذه النكهة القديمة قائمة،فلا يكاد يخلو حي في مدينة أو محافظة إلا وأفران الخبز منتشرة فيه بل تجد الازدحام الدائم والكثيف عنده فللرغيف التنوري مذاق خاص مع الوجبات الدافئة سواء كان رغيفا عراقيا خفيفا أو بما يسمى ب (الخبز التميس).