حالت العادات والتقاليد التي تزيد ممارستها في الحدود الشمالية أمام الانضمام لسوق العمل عن طريق المهن الحرفية أو ما يعرف ذات المستويات المتدنية والتي في الغالب لا تحتاج الى درجة عالية من التعليم، ولم يستغل شباب المنطقة الذين تشكل البطالة نسبة عالية نظراً لقلة الفرص الوظيفية الحكومية أو وظائف القطاع الخاص ذات الدخل المناسب. من جهتهم طالب العاطلون عن العمل بضرورة تطبيق "سعودة" محال المواد التموينية داخل الأحياء، مؤكدين أنها ستسهم في تخفيض نسب البطالة وتقليل سيطرة العمالة عليها بشكل شبه تام . وأكدوا ان السعوديين نجحوا في أسواق الخضار والفواكه، مشيرين إلى تواجدهم في مثل هذه المهن من شأنه تغيير نظرة المجتمع لهم. وأكدوا ان فرص نجاحهم فيها سيكون كبيراً اذا ما أتيحت لهم الفرصة، مشيرين أن عمليات التستر تعتبر عائقاً أمامهم خاصة ان العملة تمنح ملاك المحال أجوراً شهرية مقابل التستر عليهم. في ذات السياق وجه رئيس الغرفة التجارية الصناعية بمنطقة الحدود الشمالية ثاني بطي العنزي أصابع الاتهام نحو القطاع الخاص في منطقة الحدود الشمالية، مؤكداً أنه لم يلعب أي دور في إيصال ثقافة الأعمال المهنية وتغض الطرف عن مشكلة العزوف عن المهن البسيطة أو المتدنية والتي تنتشر بشكل كبير في المنطقة لكنها غير مستغلة. واستثنى بطي من هذا الاتهام الكلية التقنية، مشيراً الى ضرورة أن تكون الثقافة للأعمال المهنية ابتداء من وسائل الإعلام وإدارات التعليم، وإيصال الشباب إلى محبة المهنة. ومضى قائلاً: لا يخفى على الجميع أن مخرجات التعليم سابقا لم تعمل على ذلك وتم تدارك الأمور أخيراً بإنشاء صناديق لدعم المهن البسيطة، لافتاً الى أن وزارة العمل ساعية نحو تحقيق ذلك. وقال بطي: ان الإقبال على الصناديق التي تقدم قروضاً للراغبين في إقامة محال أو مشاريع خاصة بدعم من الصناديق التي خصصت لهذا الغرض، مستغرباً من ضعف الإقبال من الاستفادة من هذه البرامج. وطالب العاطلين بضرورة الإقبال على المهن التي تكاد تكون معدومة وتجد لها رواجاً في المنطقة، فهناك أعمال مهنية ذات دخل جيد . من جانب آخر دعا هادي المفلح وهو أحد تجار منطقة الحدود الشمالية والذين عملوا في أحد المجالات المهنية "السمكرة" قبل ما يقارب من ثلاثين عاما، الى مزاولة الأعمال المهنية، معتبرها صنعة انها ضمان من الفقر. وقال المفلح ان الأعمال المهنية هي الحل الوحيد الذي يخرج العاطلين عن العمل من هذا المأزق، موصياً بضرورة استغلال صغر السن والقوة الجسمانية بدلاً من تضييع الوقت في البحث عن وظائف مريحة قد لا تأتي. وطالب المؤسسات والشركات المحلية فتح المجال أمام مواطنيهم للانخراط في المهن البسيطة حتى يثبتوا أنفسهم وتقيدهم في العمل، لافتاً الى أن تجربته مع العديد مع الموظفين السعوديين في ورشته المتخصصة في إصلاح وصيانة السيارات التي يديرها بنفسه أثبتت جدوى توظيف بعض السعوديين الملتزمين بالعمل والذين يعشقون هذه المهنة، لكنه في الوقت ذاته حذر من البعض الآخر. وعزا نائل محمد فراس أستاذ علم النفس المساعد في كلية المعلمين بعرعر العزوف عن الأعمال المهنية لعدة مسببات؛ منها "ثقافة العيب" السائدة في المناطق التي تمثل الأكثرية فيها أبناء البادية، مبينا أن لهذه الثقافة دوراً في عزوف كثير من الشباب عن العمل المهني تخوفا من نظرة المجتمع الدونية لهم. وأكد أن هذه النظرة تختلف باختلاف المهنة والمنطقة ولعل الكثير من أفراد مجتمعنا قد رسخت ثقافتهم على الكثير من القيود والحواجز التي لم يعد لها قيمة في ظل المتغيرات السياسية والاجتماعية والثقافية، وزاد والواعي لهذه التغيرات يستطيع بقليل من الجهد النفسي التغلب عليها وإقناع غيره بها فباستطاعة الشاب العامل كسر هذا الحاجز وتغيير هذه الاتجاهات السائدة عند بعض أفراد المجتمع عن طريق التوعية الثقافية والاجتماعية. وأعتبر أن تعاون الجهات المعنية من إدارات حكومية ووسائل إعلام وجامعات ووزارة التربية والتعليم من شانها تغيير هذه الثقافة التي لا تنسجم مع المجتمع المدني. السباكة والمقاولات والدهان والبلاط وغيرها لا تجد الإقبال عليها، مع العلم أن سوق الأعمال بأمس الحاجة إليها ولها دعم خاص من صندوق الموارد البشرية وصندوق المئوية وصناديق أخرى.