تواجه وزارة العمل خلال العام 2006 الجديد، تحديات لتطبيق سياساتها الرامية إلى توظيف العاطلين عن العمل، خاصة على السعوديين من حملة الشهادات المتدنية وغير المؤهلين لشغل بعض الوظائف ذات المرتبات الجيدة في منشآت القطاع الخاص. وأتخذت الوزارة خلال العام الماضي خطوات جادة نحو تغيير ثقافة العيب بين صفوف المواطنين بهدف مواجهة البطالة والحد من نسبها، حيث شرعت بإطلاق حملة لتوظيف طالبي العمل، تضمنتها حملة توعوية لتغيير مفاهيم السعوديين تجاه العمل في الوظائف المتوافرة في منشآت القطاع الأهلي. وزادت تحديات الوزارة إثر إصرار عدد من السعوديين بأن الوظائف المطروحة تعد من المهن المتدنية اجتماعيا وأن مرتباتها لا ترقى بطموحات العاملين فيها، حيث يصل المرتب الشهري لهذه الوظائف نحو 1500 ريال . ويؤكد عدد من الشباب السعودي وتحديداً حاملي الشهادات الابتدائية، أنهم فقدوا الأمل في الحصول على وظائف يستطيعون من خلالها توفير حياة كريمة لهم ولأسرهم، مشددين على أن الوظائف التي تعلنها الوزارة من وقت لآخر تعد وظائف تحمل نظرة دونية في المجتمع ولا تشجع السعوديين للقبول فيها . ويقول ناصر بن عبدالله (22 عاماً ): حصلت على الشهادة الابتدائية من المدينةالمنورة ولظروف عائلية قاهرة لم أستطع إكمال الدراسة، وحاولت أكثر من مرة البحث عن عمل إلا أن اشتراط منشآت القطاع الخاص ضرورة وجود مؤهلات وخبرات مناسبة أعاقت محاولاتي الرامية للحصول على وظيفة مناسبة وبراتب مناسب أيضاً . ويضيف: عندما أعلنت وزارة العمل عن حملتها لتوظيف السعوديين تقدمت لتسجيل إسمي لدى مكتب العمل بالمدينةالمنورة، إلا أن وعود المكتب بتوفير وظيفة مناسبة لي أو إلحاقي بدورة للتأهيل كانت غير حقيقية، مشيراً إلى أن الإعلان الأخير للوزارة الذي أفصحت فيه عن توافر أكثر من 500 وظيفة في المدينة ضمن 1997 وظيفة شاغرة في مختلف مناطق المملكة كان هو الآخر غير حقيقي. وبين أنه فور إعلان الوزارة هذا الذي حددت فيه الرواتب للمهن البسيطة ب 1500 ريال، سارعت مرة أخرى إلى مكتب العمل الذي أحالني إلى إحدى الشركات المتوفرة بها الوظيفة، غير أنني فوجئت بأن راتب الوظيفة (محملّ كراتين) لا يتجاوز ال 1000 ريال، مطالباً وزارة العمل بفرض سياسات جادة على الشركات والمؤسسات للالتزام بتوظيف السعوديين، بجانب إعداد دورات تأهيلية ترفع مستوى السعوديين الذين لا يحملون إلا الشهادات الابتدائية.وأكد على حق كل سعودي في العمل في وطنه وكسب لقمة العيش التي تضمن له ولأسرته الحياة الكريمة، مشدداً على أن الكثير من مسئولي الشركات غير مكترثين لقرارات السعودة ومطالب الباحثين عن عمل، إضافة إلى عدم اكتراثهم بالظروف النفسية والاجتماعية السيئة التي يعانون منها. وقال ل «الرياض»: أبحث عن عمل مناسب منذ ثلاث سنوات، مؤكدًا رفض قبول الوظائف الدنيا التي تعرضها الوزارة بالنيابة عن شركات ومؤسسات القطاع الخاص لضعف رواتبها وقلة مزاياها. ويرى أن عملية التوظيف في منشآت القطاع الخاص تتم بالمحسوبية والواسطة، في حين وصف وعود المسؤولين بأنهم جادون في حل مشكلة البطالة بالوعود الكلامية المخدرة بغرض تطييب الخواطر دون حل المشكلة، مطالباً بإجراءات عملية لحل مشكلة العاطلين عن العمل خاصة ذوي الشهادات المتدنية وتوفير فرص العمل المناسبة لهم. ويشير شاب آخر لم يرغب الإفصاح عن أسمه إلى أن ضعف مؤهلاته الدراسية التي تقتصر على الشهادة الابتدائية أجبرته على العمل بوظيفة يقول إنه يشعر بالخجل من العمل فيها، مبيناً أن نظرة المجتمع لمثل هذه النوع من الوظائف جعله يفكر في ترك الوظيفة نهائياً . واستشهد بإعلان سابق لوزارة العمل والذي نص على أن عدد الوظائف الشاغرة في القطاع الخاص والمتاحة للمواطنين بلغ أكثر من 82 ألف وظيفة وأن 40٪ من هذه الوظائف لم يتقدم لها أحد، موضحاً أن هذا دليل على أن غالبية الوظائف المطروحة غير مرغوبة لدى السعوديين لأسباب تتركز بنوعية الوظيفة والمرتب المحدد لها . ويرى مراقبون أن المشكلة ليست في فرص العمل في حد ذاتها، وإنما في القبول بالوظائف المتدنية التي يحجم عنها الشباب السعودي، موضحين أن وزارة العمل أطلقت عدة حملات لتوظيف جميع العاطلين عن العمل ونظمت دورات تدريبية بالتعاون مع صندوق التنمية البشرية ومؤسسة التعليم الفني والتدريب المهني، إلا أن العاطلين يرفضون كثيراً من الوظائف لتدني رواتبها، ما يتطلب توعية أكبر للقبول بهذه الوظائف بدلاً من عدم الحصول على أي وظيفة . وقال الدكتور توفيق السويلم رئيس مركز الخليج للبحوث والدراسات، أن هناك شريحة من العاطلين تبحث عن وضع معين تصوره لنفسها قد لا يكون موجودا في سوق العمل، وشريحة أخرى تريد ان تعمل من اجل البحث عن لقمة العيش بشروط عمل مناسبة. وأكد ل«الرياض» أن وزارة العمل في وضع صعب جدا فهي تحاول بكل ما تستطيع ان تبحث عن عمل للعاطلين ولكنها لا تستطيع ان توفق بين الطرفين، بين الباحثين عن عمل الذين يريدون اوضاع عمل ممتازة وبين الشركات ومؤسسات القطاع الخاص تهدف الى الربح.