هل جاء الوقت الذي يحتم علينا رصد الزيادة الكبيرة في معدلات فاقد الطعام أي المواد الغذائية الصالحة للاستخدام الآدمي التي نلقي بها في براميل الزبالة..؟ في الوقت الذي تعاني فيه الطبقات الوسطى والفقيرة في كثير من المجتمعات البشرية، نقص في حاجتها من الغذاء. فالارتفاع المتواصل في الأسعار إن لم يؤد إلى الإحساس الفعلي فإنه يتسبب في الحرمان من كثير من احتياجاتنا الغذائية وهو في مجتمعات أخرى قد وسع قاعدة الجوع. وفي دراسة كندية فإن حجم الفاقد من الطعام على مستوى العالم حوالي 210ملايين كجم سنوياً داخل عبواته وفي بريطانيا يجري التخلص من 6.7ملايين طن وفي أمريكا 27% من المواد الغذائية المنتجة وهي تعادل 44مليار كيلو جرام. أي أن كل مواطن في العالم يخسر نصف كجم يومياً. ولنا أن نعيد النظر في فاقد الطعام المخيف الذي يخرج من بيوتنا يومياً وهي ليست وحدها تشاركها البقالات والمدارس والمطاعم والمستشفيات ومخازن الأغذية. كم هو المتوسط اليومي الذي يجري التخلص منه من الأرز فقط خاصة ونحن مقبلون على موسم الزواجات والمناسبات. إن المناظر المحزنة لهذه التلال من الأرز وبقايا الطعام التي تشكل ملايين الأطنان من ثاني أكسيد الكربون الذي يلوث البيئة برائحته الكريهة. والمسرفون يتحملون وحدهم مسؤولية ضياع الطعام الإنساني لأنهم يشترون أكثر مما يستهلكون والفارق بين والاستهلاك هالك يدفعه الفقراء جوعاً وحرماناً!! ورغم اجتهاد هنا وآخر هناك للاستفادة من الأطعمة الزائدة على هيئة فائض الولائم تحت شعار الإحسان والبر لإخفاء هذا التناقض المخيف في المجتمع فإنه يتسبب في جرح نفوس الفقراء. ويصبح مهما كان شهياً مرآة تعكس هوة اجتماعية كبيرة تنتظر رتقها لم يعد ثمة ما نواريه. فإن الشق أوسع من الراتق. الكل يدرك ما يمر به العالم حولنا. ونحن جزء منه نتأثر ونؤثر. والاقتصاد عصب الحياة وروحها. فإذا ما تخطينا المرحلة الصعبة التي نعيشها بوعي يجنبنا مزالق الخطر ويحمي مجتمعنا من التردي في مظاهر زائلة ومناظر باهتة منحنين لضغوط العادات والتقاليد التي ندفع ثمناً غالياً من قوة الأجيال وتقول الدراسات في تفاصيلها الدقيقة عن فاقد الطعام الذي لا يزال صالحاً للاستخدام الآدمي ويذهب إلى براميل الزبالة ويلقى في الأرض. كلمة أخيرة.. إنه يمكن الحفاظ على 60% من فاقد الطعام إذا أحسنا التخطيط لشراء ما نحتاج إليه فقط وأحسنا تخزينه.