غصات تعتصر قلبي أريد أن أضعها بين يدي أهلها.. لأرتاح وأريح. هذه الأسر المحتاجة التي تؤرق ضمائرنا باتصالاتها التليفونية اليومية على مكاتبنا في الجريدة : مَن لها بعد الله.. وأي الأبواب تطرق؟ أكثر من مرة كتبت وصرخت.. وما من مجيب! هؤلاء الأمهات والأطفال.. الذين هجرهم عائلهم "الزوج" ركضاً وراء ملذاته الخاصة التي لا يعلمها إلا الله.. يغيب عنهم بالأسابيع والشهور لا يعلمون عنه ولا يعلم عنهم شيئاً.. يتركهم يتلوون جوعاً وقهراً.. تتراكم فواتيرهم، التي لا تجد من يدفعها، فتنقطع عنهم الكهرباء بهذا الوقت الذي تشوي به الحرارة رؤوس العباد! هؤلاء الأمهات - لا هنّ متزوجات ولا مطلقات - ومع ذلك حين يقرعن أبواب الجمعيات ومكاتب الضمان طلباً للمساعدات، تحتسبهن هذه الجهات من زمرة "المتزوجات".. تردّهنّ خائبات بحجة أن "لديهن أزواجاً" أي أن لديهن "من يعيلهن"! آخر الاتصالات الواردة هذا الأسبوع كانت من عائلة مكونة من ستة أفراد، أرّقت مضجعنا - والله - عدة سنوات، أقسمتء الابنة العشرينية أنهم من أمس لم يأكلوا شيئاً، قالت "الضمان كانوا وعدونا بمبلغ - حوالي سبعة آلاف ريال - لكنهم اشترطوا أن يأتي الأب لاستلامه، وهو السكيّر الذي يغيب عن البيت لشهور، وحين استطعنا العثور عليه ورجوناه أن يذهب للضمان لاستلام المبلغ كي نأكل منه، ذهب وتسلّمه فعلاً، لكننا لم نر والدنا بعد ذلك.. أخذ المال وهرب ليشتري به المنكر الذي أدمنه.. وتركنا بلا ريال واحد"! بالله عليكم.. كيف تسلّم هذه الجهات المال للرجل دون أن تتحرى حقيقة واقع الأسرة؟.. كيف لا تفهم هذه الجهات أن هناك أزواجاً ذهبت عقولهم وضمائرهم "مع الريح".. فتخلوا عن مسؤولياتهم بلا أدنى شعور بالرجولة أو الإنسانية! رجاء عالي النبرة نُسمعه لمعالي وزير الشؤون الاجتماعية الجديد.. نرجوكم أن تجدوا حلاً فورياً لهذه الأسر المحتاجة.. أن تتحروا صدقهم من كذبهم.. أن ترحمونا من ملاحقاتهم "نحن الذين لا يسعنا حيال مآسيهم شيئاً، فالريالات التي نجمعها لهم تسد رمقهم أياماً قليلة ثم تعود بعدها وصلة الاتصالات"! نرجوكم أن تجدوا عملاً شريفاً لأبنائها وبناتها "حتى وإن كانوا قليلي التعليم"، فوظائف مثل "ساعي، فراشة، سائق، بائعة، أو كعاملة - حتى لو كانت عاملة تنظيف في مشفى أو مؤسسة نسائية" هذه كلها وظائف لا تحتاج إلى مؤهلات علمية.. أو بالإمكان إقراضهم لشراء دكان أو "بسطة" في سوق نسائي، تشترونه لهم وتقسطوا المبلغ عليهم قسطاً ميسراً بعد سنة من إقراضه. امنحوا أفراد هذه الأسر "شبكات" وعلموهم كيف يصطادوا رزقهم، كي ترتاحوا، وتريحونا، وتريحوا مكافحة التسول.. وجهات أخرى كثيرة أنتم أعرف بها منا.