هناك مشاريع تحمل البشارة للناس، إلا أن دخولها إلى أرض الواقع يكون محبطا ومبددا لأحلام من انتظرها طويلا، والمثال الصارخ لهذا الإحباط الذي وجد بعض المواطنين أنفسهم فريسة له بشارة إيجاد مساكن للمتقاعدين. والمتقاعدون فئة عبرت الحياة تعمل و(تشقى)، وخرجت من أعمالها ووظائفها صفر اليدين من غير أن تتمكن من توفير منزل عائلي يقيها لظى الإيجار المرثوني، هذه الفئة تحديدا استبشرت ب(برنامج مساكن) لكنه جاء مخيبا للآمال، كما أنه غاب عن الذكر بعد أن تناولت الصحف شروطه التعجيزية، وقد ذكرت هنا قصة سيدة انتظرت فرجا لمسألة السكن إلى أن جاء هذا المشروع المخيب لآمال كثير من المنتظرين، فهذه السيدة زوجها رجل متقاعد ويحصل على راتب تقاعدي يصل إلى 2300 ريال، يذهب ألف ريال من هذا الراتب للإيجار، وخمسمائة ريال أقساطا لتسديد دين بسيط؛ ليكون المتبقى من الراتب 800 ريال يصرفونها على ثمانية من البنات والأبناء.. يعني أن مبلغ 800 ريال هو المصروف الشهري لعائلة مكونة من 10 أفراد، لكل منهم مطالبه الخاصة التي تموت على واقع هذا الراتب.. هذه العائلة تمثل شريحة كبيرة ممن يعيشون على الراتب التقاعدي، فكيف لهذه الأسر أن تحيا حياة كريمة في ظل فحش الغلاء وارتفاع تكاليف الحياة؟ المهم أن هذه العائلة كانت معلقة أحلامها على (برنامج مساكن) إلا أن شروط هذا البرنامج سوف تسد الباب على 90 في المائة من المتقاعدين، وبالتالي لن يكون للمشروع جدوى اجتماعية أو إنسانية لو بقيت تلك الشروط قائمة لأنها لم تراعِ الأوضاع الاقتصادية للناس.. فمن الشروط التعجيزية (نعم، أعتبرها تعجيزية حين تكون دخول معظم المتقاعدين لا تصل إلى الثلاثة آلاف ريال)، فأول عقبة كؤود من تلك الشروط أن لا يقل راتب المتقاعد عن خمسة آلاف ريال، وصعوبة الشرط الثاني أن لا تكون على طالب المسكن التزامات مالية كقروض أو سدد ديون. وتساءلنا أيضا عن هذين الشرطين المعنيين ببرنامج مساكن: على أي أساس تم وضع هذين الشرطين، فلو كانت هناك معرفة بدخول المتقاعدين لما كان سقف اشتراط الخمسة آلاف موجودا؛ لأن هناك فئات من المتقاعدين لم يصل راتبهم خلال مدة خدمتهم الطويلة لهذا المبلغ، فكيف يمكن أن يحصل عليه وهو متقاعد، ثم ألم يتنبه المسؤولون عن هذا البرنامج إلى أن جل المواطنين معلقون في أقساط طويلة المدى (ربما تنتهى حياة المرء والأقساط لم تنته).. وقلنا إن هذين الشرطين مجحفان لكثير من العوائل التي انتظرت أمل الحصول على مسكن من خلال هذا البرنامج، وإذا كان الهدف الحقيقي والجوهري هو المساعدة في اجتثاث الفقر وتحسين أوضاع الناس، فاتصور أن من المهام الأساسية للبرنامج انتشال تلك الفئات القابعة تحت خط الفقر. أما إذ كان المشروع ذر الرمل، فنخبركم أن التراب وصل إلى بؤبؤ العين.. فشكرا لكم. كان هذا حارقا عندما ظهر مشروع برنامج مساكن.. لكنه اختفى من الصحافة، وأظن أنه اختفى على أرض الواقع أيضا. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة