الطموح لا سقف له. الطموح دائماً ما يتمتع بفضاء مفتوح. الحجر الأساس فيه هو أن يكون غير محدد، وغير مؤطر، ولا يحاصر بالأفق القريب. هكذا يرى البعض المعنى العام للطموح، والانطلاق إلى الأمام. أنت طموح يعني أن تكون قادراً على اكتشاف مواقع جديدة لحياتك، مناطق تتسع لمدى أحلامك. تطمح في أن تحقق ما تريد فتتحرر من كل شيء، وتكسر كل المقاييس المألوفة التي تحول بينك وبين طموحك. لكن ما حدود هذا التحرر؟ وما مساحة ما تريد في إطار متحرر ولكن لا يتنافى مع قيم ومبادئ المجتمع، وسلوكيات اعتدت على التعامل بها، والإيمان بمفرداتها؟ في ظل أن آخرين يطمحون فيكسرون كل الحدود، وأي ارتباط بشيء من الممكن أن يعوق تقدمهم. يصبح مفهوم التحرر العام والسطحي مختلفاً تماماً لديهم من خلال أن ما تراه أنت يكسر ثقافة العيب، ويخلق مسافة بينك وبين أخلاقيات ومبادئ وأنظمة إنسانية اعتدتها. وما يراه هو من أن هذه مجرد شكليات، أو اختلاف في النظرة، أو المفهوم، أو احترام صراعات كلها يكرس مبدأ البقاء للأقوى، وهو ما ينبغي أن يتوقف عنده من خلال استيعاب المفهوم العام للطموح، لفهم كل فرد لمعنى الوصول من خلال الطرق التي يسلكها، وأهمية أن يلتفت إلى الخلف ليرى ما تركه، أو يواصل التقدم دون أي اهتمام بأي كارثة خلّفها هناك. يطمح البعض فينتفي لديهم معنى التفريق بين المعلوم، والمجهول، وبين الحقيقة إن كان حضورها ممتداً، أو غائباً. لا يقف أو يتعثر هؤلاء أمام مأزق، أو خلل في وضوح الصورة أو مراجعة مَواطن القصور لديهم، والسبب ارتفاع نمط الرغبة في البحث عن ما يريدون بعيداً عن ما يمكن أن يليق أو لا يليق. التحول في حياة من يطمحون يبدأ من التفكير الجاد بأنه لا ينبغي أن تضع لآمالك أو طموحاتك سقفاً معيناً، بل عليك أن تتركها هكذا تئن تحت قانون الرغبة في التحقق لا يهم إن كانت خطواتك متمهلة المهم أن تكون إلى الأمام لتحقيق ما تريده من أهداف بعيداً عن تأثرك بقناعاتك أو ما اعتدت عليه قبل أن تخلع السقف الذي كان يحاصرك ويحجب طموحك عنك. لكن مع كل ذلك إن كانت أدوات الصعود هشة، والهدف غير واضح فلن يتحقق شيء حتى وإن تقدم الطامح قليلاً، واعتقد أنه حقق ما يريد. والواقع أن أغلب الأمم قد صعدت من خلال طموح افرادها وتغلبهم على كل الاحتمالات الصعبة، وحقهم الطبيعي في التجريب، واتساع الخيال لتحقيق الأمل، والقلق الملحّ لخلق مشاريع إنسانية تخدم الآخرين، وتفتح الأبواب لمن يريد أن يسير ليكمل الطريق، لكن رغم توحد هذه التجارب الإنسانية ظلت هناك مناهَضة مستمرة لمفهوم أن الطموح بلا سقف، لأن هذه العبارات أفرزت نتائج نماذج بشرية وإنسانية ينبغي أن تتدارك تجاربها، وإعادة صياغتها مرة أخرى من خلال ما تحقق دون مساس بجوهر الرغبة في التقدم من خلال الطموح المفتوح.