منذ عدة أشهر تألمت كثيراً عندما علمت بخبر اصابة معالي الدكتور صالح عبدالله المالك بالمرض واستبشرت خيراً عندما ذهب إلى مايو كلينك بالولايات المتحدةالأمريكية للعلاج ولكنني صدمت بعودته إلى الوطن ودخوله مستشفى الملك فيصل التخصصي لاستكمال العلاج ولكنني كنت اتفاءل خيراً عندما أزوره في غرفته بالمستشفى المكتظة بالأقارب والأصدقاء والخلان وأراه يرحب بنا ببشاشته ويتجاذب معنا أطراف الحديث باستمتاع لا يشعرك بأنه يعاني من أي مرض كان. وقد تفاجأت عندما علمت بدخوله غرفة الإنعاش يوم الأحد الماضي ثم فجعت بوفاته يوم الاثنين الماضي وبكيته بألم من اصابته مصيبة كبرى وبحسرة من فقد عزيزاً عليه. وأنا إن فقدتك يا أبا هشام فقد فقدك الوطن وفقدتك الدولة من قبلي فقد كنت نعم الأخ ونعم المواطن ونعم المسؤول المخلص في عمله في جميع المناصب التي توليتها من أمين عام لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية إلى وكيل لوزارة البلديات والشؤون القروية ثم عضواً بمجلس الشورى فأميناً عاماً له. وقد كنت والله مكسباً للمواطن وللدولة في أي منصب تقلدته وأي مهمة تصديت لها. لقد كنت - رحمة الله عليك - الأب المحب لأولاده والابن البار لعائلته الكبيرة - عائلة آل مالك الكريمة - كنت الصديق الوفي لزملائك وأصدقائك والمرشد المخلص لطلابك والموجه الحكيم لمرؤوسيك في العمل. وقد قابلتك لأول مرة في حياتي في مؤتمر الطلبة العرب بولاية ايلينوي بأمريكا في الستينات الميلادية وكان لك معرفة سابقة بعائلتي وقد احتليت منزلة كبيرة في قلبي منذ تلك اللحظة فقد كنت رحمك الله دمث الأخلاق رقيق الطباع تأسر بحديثك الهادي المتزن وبتصرفاتك اللبقة وشعرت وقتها كأنني أعرفك منذ زمن طويل وقد استمرت علاقتنا منذ ذلك الوقت وتوطدت أكثر وأكثر في السنوات الأخيرة إلى ان اختارك الله لجواره. ولقد كنت رحمك الله في جلساتنا الأخيرة تثري الجلسة بأفكارك النيرة وآرائك المتميزة وثقافاتك المتشعبة. وقد كنت رحمك الله تشد أنظار من حولك حينما تتحدث سواء بالعلوم الشرعية أو الاجتماعية أو الأدبية وحتى الرياضية وخير دليل على اتساع مداركك هذه الاصدارات المتعددة من الكتب والابداعات السلسلة والبليغة (السهل الممتنع) من القصائد القوية والظريفة. ولسوف افقدك يا أبا هشام في المناسبات والجلسات القادمة كما ستفقدك أسرة المالك الكريمة وعزائي لأخيك معالي الدكتور أحمد عبدالله المالك ولابنك هشام واخوانه واخواته وأمهاتهم ولبقية أسرة المالك الكريمة وعسى الله ان لا يريكم مكروه والعين تدمع والقلب يحزن لفراقك يا صالح. (إنا لله وإنا إليه راجعون).