كنت أقود السيارة في أحد الأيام وإذا أحد أطفالي يشير إلى أحد مطاعم ماكدونالد وبشعاره المشهور M ويلح علي وبقوة بأن أتوقف لكي نلبي طلبه في ذلك المطعم العالمي، والغريب أن الشعار فقط كان هو البارز وليس اسم المطعم أو المبنى أو صورة معينة فسألت نفسي كيف يمكن لطفل صغير أن يميز تلك العلامة وتجعله يعرف أن تلك العلامة هي لمطعم وجبات سريعة بالرغم من صغر سنه ؟ الجواب بكل تأكيد في العلامة التجارية وكيف استطاعت شركة ماكدونالد وفي زمن قياسي منذ أن دخلت سوق المملكة العربية السعودية أن تحتل مكانة مرموقة بين المطاعم الأخرى التي سبقتها. ان تأسيس العلامة التجارية للشركات العالمية يحقق لها أرباحا طائلة ومكانة عالية في الأسواق العالمية كما تفعل كبرى الشركات العالمية مثل مايكروسوفت وياهو ونوكيا وسوني وغيرها الكثير. السؤال الذي يدور في ذهن الكثير، لماذا تميزت الشركات الأمريكية عن غيرها من الشركات العالمية ؟ حيث نجد أن أشهر عشر علامات تجارية على مستوى العالم هي علامات أو شركات أمريكية ماعدا نوكيا وبي ام دبليو. حيث أن قيمة العلامة التجارية على سبيل المثال لشركة مثل كوكاكولا فقط تعادل 200مليار ريال وهذه القيمة لا تشمل الأصول والممتلكات ولكن فقط اسم الشهرة أو ما يسمى good will النجاح في عالم الأعمال وفي هذا الوقت بالتحديد أي في زمن العولمة يعتمد على النجاح في تأسيس اسم وعلامة تجارية تكون محط أنظار المستهلكين وليس فقط سلعة أو خدمة تباع بدون العلامة التجارية، لآن الأسواق العالمية الآن أصبحت مفتوحة والمنتجات أضحت مألوفة بين العالم فالمنتج الذي يباع في أمريكا من الممكن أن يباع وبنفس المواصفات في أسيا وهكذا. من هذا المنطلق فإن غالبية الشركات في العالم العربي لا زالت بعيدة كل البعد عن التميز في تأسيس علامات تجارية ناجحة عالمياً كما فعلت غالبية الشركات العالمية في الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوربا وبعض دول أسيا، إن تجربة شركة سابك تجربة مميزة في هذا المجال حيث استطاعت أن تحتل مكانة مميزة بين كبرى الشركات العالمية في قطاع البتر وكيماويات واسم سابك هو اختصار لاسم الشركة السعودية للصناعات الأساسية ولكن أصبحت سابك هي المفهومة عند الجميع وقلة يعرفون أنها اختصار لاسم الشركة السعودية للصناعات الأساسية. العلامة التجارية في الواقع هي إضافة لاقتصاد الدولة وتأسيسها بشكل قوي يزيد من إجمالي الناتج القومي للدولة وتستطيع الشركة أن تغزو الأسواق العالمية بقوة الاسم التجاري وبشهرة العلامة التجارية كما فعلت ماكدونالد وكوكاكولا وستاربوكس مثلاً في المملكة بالرغم من أسبقية المنافسين لهم في هذا المجال. قد يظن البعض أن ذلك من المستحيل ولكن وجود أمثلة من الواقع يدحض هذا الظن مثلما فعلت مطاعم كودو والتي بدأت بشكل فردي وبفرع وحيد واستطاعت الآن أن تتوسع في جميع أنحاء المملكة وبعض دول الخليج وبالإمكان الوصول لدول العالم الأخرى من خلال الدعم والتخطيط الاستراتيجي الذي يرسم المستقبل. شركة اعمار الإماراتية أحد الأمثلة الموجودة في هذا المجال حيث استطاعت التواجد عالميا في قطاع العقارات بالرغم من حداثة تأسيس الشركة في نهاية التسعينات ميلادية. @ رجل أعمال وأستاذ الإدارة والاقتصاد وعضو جمعية الاقتصاد السعودية