إن الحي السكني هو الخلية التي تتكرر لتشكل المدينة فإن صلحت ووافت احتياجات الساكنين صلحت المدينة بأكملها وان اختلت هذه الخلية في أي من مركباتها اختلت المدينة بأكملها. والحي السكني الملائم هو تجمع عمراني ذو حدود واضحه ومداخل محددة واستخدامات يطغى عليها الاستخدام السكني ومركز واضح وشبكة من الطرق والممرات الانسانية التي تربط جميع تلك المركبات بعضها البعض. ويعتبر مركز الحي قلب تلك المركبات والاهتمام به وتطويره لتأدية دوره يمثل خطوة مهمة جداً لبناء الإنسان العصري. فمن المتفق عليه بين المفكرين ان النمو المتكامل للإنسان في الحي السكني يفترض ان يتم من خلال سلسلة من الفعاليات والتي يفترض ان تتم ضمن مركز الحي. ويمكن تلخيص هذه الفعاليات في عدة ضروريات بشريه هي: غذاء الروح، غذاء العقل، غذاء البدن، وغذاء العلاقات الاجتماعيه. فغذاء الروح يعنى بأهمية وجود مكان للعبادة في الحي السكني مثل المسجد بحيث يمثل هذا المكان وسيلة منظمة لاتصال الإنسان بخالقه مما ينتج عنه تجاوز لهذه الدنيا والتوجه نحو الآخرة وفي ذلك اعظم انواع التهذيب للنفس البشرية. أما فيما يتعلق بغذاء العقل فهو يعنى بتوفير مكان مناسب للقراءة والاطلاع والنهل من العلم وافضل مكان يحقق ذلك هو مكتبة الحي. وغذاء البدن يتمثل في مكان مناسب لمزاولة الرياضة حيث ان الجسم بحاجة ماسة لهذا الغذاء كي يصح ويستقيم. أما غذاء العلاقات الاجتماعية فهو يحدث ايضاً في مركز الحي من خلال الصالات والفراغات الأخرى التي تسهل تفعيل تلك العلاقات. ويكاد يتفق المفكرون ان النمو الحقيقي للإنسان لا يتم الا من خلال الحي السكني الذي يوفر غذاء الروح وغذاء العقل وغذاء البدن وغذاء التعارف الاجتماعي. وأفضل مكان يساهم في تحقيق ذلك هو مركز الحي السكني حيث توضح هذه المحاضرة فكرة مركز الحي مع استعراض نموذج مميز لمركز حي سكني يقع الى الشرق من مدينة تورنتو الكندية في ضاحية ميسيساقا وهي واحدة من اكبر الضواحي في امريكا الشماليه. أ.د. خالد بن سكيت