"العاطفة: صوت اختناق العقل في الحنجرة.. !" جون بويز لو عاد الزمن مرة أخرى.. فإن السؤال الذي سيطرحه الأب.. والذي سيدور حتماً في خلده.. وهو يهب أحد بناته (المستضعفات).. مزرعته الضخمة على أطراف المدينة.. يحميها بها من غوائل الأيام كما كان يظن.. هل هذه الأيام التي يحذرها.. ستعود على ورثته بأجمل الذكريات أم بأسوئها..! (عبدالعزيز).. من الطبقة فوق المتوسطة.. يملك عدداً من العقارات.. التي تتراوح قيمتها بين 20مليوناً إلى 25مليون ريال.. استوقفه في بعض الأيام.. أحد أصدقائه.. وهو يحكي قصته في منح عمارته لإحدى بناته.. عقد هبة.. أخبره المحامي.. بالانتباه إلى شرطين: إجازة بقية الورثة لئلا يرجع أحدهم عليها بعد ذلك بأن يجبر أبناءه الآخرين على إمضائه.. ليكون بذلك غير قابل للطعن بعد وفاته.. وأن تقبض ابنته (الموهوب) وتحوزه في ملكها لئلا يخالف أحد بعد ذلك في انتقالها إلى حوزتها واستقرار هبتها.. لكي يقع القبض صحيحاً في محله.. (عبدالعزيز).. استنسخ التجربة بحذافيرها.. لكن مع (كثير) من المأساة والدماء..! مات (الأب) بعدما أقنعه أكبر أبنائه بتصفية أغلب ممتلكاته لدخول سوق الأسهم.. أنهار السوق وتبعه الأب.. ليكتمل الانهيار بالأسرة.. تنازع أولاده فور وفاته.. كان لعابهم يسيل على تلك المزرعة.. حاولوا استعادتها بالترغيب والترهيب.. بعدما عرفوا ثبوتها شرعاً وقانوناً.. لتكون الجريمة.. هي النهاية المحتّمة لهكذا سيناريو..! يغيب عن أذهان البعض وهو يهب أحد أبنائه دون الآخرين.. أن مجرد استكمال شروط (الهبة) الشرعية والقانونية.. والاحتراز من موانع الرجوع فيها.. والتي منها على سبيل المثال: @ إذا كانت الهبة من الأم.. وكان ولدها يتيماً وقت الرجوع. @ إذا كانت الهبة من احد الزوجين الآخر ما دامت الزوجية قائمة. @ إذا مات الواهب أو الموهوب له. @ إذا تصرف الموهوب له في الموهوب تصرفاً يخرجه عن ملكه. @ إذا حصل تغير في ذات الموهوب أو حصلت فيه زيادة متصلة موجبة لزيادة قيمته. @ إذا تعامل الغير مع الموهوب له مع اعتبار قيام الهبة. @ إذا مرض الواهب أو الموهوب له مرضاً.. يخشى معه الموت. @ إذا كانت الهبة لغرض خيري. أقول بأنه يغيب عنه أن مجرد استكمال شروط (الهبة) الشرعية والقانونية.. والاحتراز من موانعها.. لا يكفي في حالة المفاضلة في الهبات العقارية بين أولاده.. أو حتى تخصيص بعضهم بهبة دون الآخر.. دون أن يضعوا في أذهانهم شيئين على الأقل: فإما أن يعدلوا في الهبات بين أبنائهم كما في قول الرسول صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة: (أكل ولدك نحلت مثله.. أشهده غيري.. فإني لا أشهد على جور).. ! وإما أن يدعوا الشريعة الربانية تأخذ مجراها.. فالله أعدل حين شرع قسمته.. أليس كذلك.. ؟ *الباحث في أنظمة العقار