كانت المساهمات العقارية (الصادقة) المصدر الأول في تأمين السيولة النقدية للمطورين - وهم في الغالب مطورو أراضي - ولكن بعد فوضى تلك المساهمات خلال عامي 2003م، و2004م، وإيقافها بقرار من مجلس الوزراء آنذاك، اقفل أهم مصدر لتمويل المشاريع العقارية وفي الغالب هي مخططات سكنية وتجارية. ما نشهده من شح في المعروض من المنتجات العقارية حاليا، وغدا من أسباب ارتفاع أسعار العقارات، هو بسبب فترة الركود العقاري التي شهدها السوق خلال الفترة (2003م) وهي فترة المساهمات العقارية، حتى عام (2009م) وهي فترة الطلب المحموم على المنتجات السكنية من أراض ومساكن. هذا الركود كان السبب الرئيس فيه إغلاق كل وسائل التمويل الممكنة لمشاريع التطوير العقاري، امتناع البنوك التي كانت عن التمويل العقاري، لأن نظام مؤسسة النقد يمنع ذلك. كما أنه ليس من المعقول ولا المقبول أن يقوم المستثمر بتمويل مشاريعه من رأس مال الشركة.. التمويل للمشاريع العقارية خاصة السكنية في كثير من دول العالم يتم وفق ثلاث وسائل معا، هي: البيع المبكر للوحدات السكنية (قبل أو خلال أعمال البناء)، وصناديق الاستثمار العقاري، والتمويل من خلال شركات التمويل. ورغم العمل بكل هذه الوسائل الثلاث في السعودية، إلا أنها لا تزال على نطاق ضيق، وأحيانا لا يحكمها نظام رسمي، مثل البيع المبكر للوحدات السكنية، فمثلا من يضمن للمستفيد أن تكون الوحدة السكنية بالمواصفات التي أشتراها قبل اكتمال البناء. تمويل الشركات، خاصة شركات التطوير العقاري التي تأخذ بمبدأ التطوير الشامل (بدءاً من شراء الأرض خام، انتهاءً بإقامة وحدات سكنية ضمن مجمع ومجتمع متكامل الخدمات والمرافق)، مهم، لأن البناء الجماعي من خلال تلك الشركات هو الوسيلة الوحيدة لحل مشكلة الإسكان الحالية، والتقليل من تكلفة البناء بطرح منتجات سكنية ذات أسعار معتدلة. ماذا عن التمويل الفردي؟ التمويل الفردي يكون في هذه الحالة مرحلة لاحقة لتمويل الشركات، بحيث تقوم شركات التمويل العقاري، بتمويل الأفراد عقب اكتمال بناء تلك المدن السكنية التي تطورها، للشراء فيها. ورغم أن التمويل الفردي، هي (أقساط) شهرية لا يزال ينظر كثير منا لها أنها جانب سلبي، إلا أنها أهم وسيلة للادخار إذا كانت في منتج استثمار، لا استهلاك (السفر أو السيارة). أتمنى أن تكون الأنظمة الجديدة للتمويل العقاري التي يناقشها مجلس الشورى اليوم، تمهيدا لرفعها للمقام السامي الخطوة الأولى والكبرى التي تأخذ بسوقنا العقاري من عصر الاجتهادات الفردية، إلى عصر العقار المالي، القائم على تنظيم رسمي يضمن حقوق الجميع ويحقق الأمان العقاري.