؟ استمع جيدا! كنا عدة طلبة ندرس في برنامج الدكتوراه في تلك البلدة البعيدة، لعلي كنت الوحيدة التي أتيت من بيئة علمية مختلفة، كنت أعرف جيدا نقاط ضعفي وأعرف أن علي أن أعمل أكثر حتى يمكنني أن أنجز خاصة وأنني أدرس في مجال علمي دقيق أجهل الكثير عنه. في حياتك يصادفك كثيرون ممن يتصرفون بطفولة مضحكة كأن تجدهم يحاولون التقليل من شأنك لأنك لا تعرف ما يعرفونه أو لأنك لم تمر بنفس التجارب الحياتية التي مروا بها، كان أحد الزملاء من هذه الفئة فرغم طيبة قلبه إلا أن الغرور يجعله يعتقد أنه يعرف الكثير لذلك فإنه قد يتصرف بفوقية تجاه زملائه في العمل يستخدم السخرية حين يحاول تمرير المعلومة خاصة في اجتماعاتنا الأسبوعية مع المشرفين الذين لم يتحملوا تصرفاته هذه لأنها كانت تؤثر على تناغم المجموعة، أذكر أن أحد المشرفين نظر إليه في أحد الاجتماعات قائلا: "يا ابني لو كنا نعرف كل شيء لما احتجنا أن نجتمع أو نعمل هنا"، يومها تحدث هذا العالم الذي له خبرة طويلة في مجال الأبحاث وله تاريخ علمي مشرف وأبحاث واكتشافات معروفة وموثقة عن تجربته الشخصية، عن أن الباحث الجيد هو الذي يفترض أنه لا يعرف لذلك هو يبحث ويضع الأسئلة ويحاول أن يجد إجابة عليها، لذلك هو يسمع لمن حوله، يطالع نتائجه بدقة ويكون أول ناقد قاس حيادي حين يحاول تقييمها. أكثر شيء يهدد نجاحك العلمي هو اعتقادك أنك تعرف أكثر من الآخرين، هو إعجابك الزائد عن حده بنفسك هذا الإعجاب الذي يضع غمامة على عينيك ويعميك عن حقائق كثيرة. وهذا لا يعني أن لا تكون واثقا من نفسك ولا تكون مقتنعا بعملك وفكرك لكنك عليك أن تنتبه ولا تميل ولا تنحاز ولا تتقوقع على نفسك. كي تكون باحثا جيدا عليك أن تتذكر أنك إنسان ذو قدرات محددة لا تمل من التعلم والتعرف على الجديد كل يوم. فالبحث هو وسيلة تراكم معرفي وليس وسيلة لتجميع الألقاب والمناصب.