بداية لابد أن نهنئ أنفسنا ونهنئ الاستاذ فواز العلمي رئيس الفريق الفني السعودي للانضمام لمنظمة التجارة العالمية لاختياره من قبل المنظمة ليمثل الدول النامية ضمن الفريق الذي تم تشكيله لدراسة سبل تسهيل الدخول في عضويتها، ومحاولة إصلاح الخلل الذي يعاني منه النظام التجاري متعدد الأطراف. وقد جاء تشكيل هذا الفريق تنفيذاً لتوصيات المؤتمرات الوزارية للمنظمة في كل من الدوحة وهونج كونج، ومحاولة لتبديد المخاوف من استمرار الجمود الذي يعاني منه النظام التجاري متعدد الأطراف مما قد يؤدي إلى انعدام الثقة به. والسبب، يتمثل في تشدد الدول الكبرى وعلى رأسها مجموعة دول الاتحاد الأوروبي من مسائل تحرير قطاع الزراعة والمنسوجات وعدم الوفاء بتعهداتها للدول النامية التي قبلت الاندماج في النظام التجاري متعدد الأطراف وقدمت تنازلات مهمة لكنها لم تجن بعد ثمرة الوعود الوردية التي قدمت لها لإزالة العوائق التي تعترض صادراتها من المنتجات الزراعية والمنسوجات. هذه المواقف التي جعلت الدول النامية تتنبه إلى ما يدار في أروقة المنظمة وتتخذ مواقف مضادة أدت إلى إفشال مؤتمر سياتل الشهير، ومؤتمر كانكون، بعد أن رفضت إدراج أية مسائل جديدة قبل أن تنفذ الدول الكبرى تعهداتها في قطاع الزراعة والمنسوجات والخدمات. وتمكنت الدول النامية أيضاً، بفضل المواقف الصلبة لممثلي ماليزيا، والهند، والبرازيل، والأرجنتين، من إسقاط مجموعة من مشاريع الاتفاقيات التجارية عن جدول أعمال المنظمة، وأهمها اتفاقية التدابير المتصلة بالاستثمار، واتفاقية المشتريات الحكومية، وتأجيل اتفاقية تسهيل التجارة، والإبقاء على الاتفاقيات التجارية (عديدة الاطراف) محصورة بين الدول التي قبلت الدخول في عضويتها. ومن أوجه الخلل في المنظمة، استغلال الدول الساعية للانضمام حديثاً، والضغط عليها بتقديم تعهدات في مسائل لم يتفق عليها بعد، ولم يصدر بشأنها تفويض من المؤتمر الوزاري أعلى سلطة تشريعية في المنظمة. وهذه الضغوط مورست على المملكة والصين حيث قدمت الدولتان أكبر قائمة من التعهدات في قطاع الخدمات. بل طلب منهما الالتزام بما لا يلزم. وأجبرت الصين على قبول شرط عدم استفادتها من نظام تسوية المنازعات في المنظمة في مسائل مكافحة الإغراق حتى عام 2017م لكي تستطيع الدول العظمى اتخاذ تدابير انفرادية ضد الواردات الصينية في حال شبهة الاغراق!!. والكل يتذكر الزيارة التاريخية لخادم الحرمين - يحفظه الله - للولايات المتحدةالأمريكية عام 2005م عندما كان ولياً للعهد التي مهدت لدخول المملكة عضوية المنظمة بعد أن تراجعت الولاياتالمتحدةالأمريكية عن بعض الشروط المتشددة التي وضعتها أمامها، وكذلك الجهود الدبلوماسية التي بذلها سمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، والمفاوضات المضنية التي قادها سمو مساعد وزير البترول والثروة المعدنة الأميرعبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز لتذليل الصعاب فيما يتعلق بمسائل الطاقة والبتروكيماويات. تلك الجهود التي دعمت موقف الفريق الفني السعودي وتكللت في الأخير بنيل عضوية المنظمة. والمطلوب من ممثلي الدول النامية في هذا الفريق، ومن ضمنهم ممثل المملكة، انتهاز فرصة تشكيل هذا الفريق، والعمل فعلاً على تحسين ظروف الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، وتفعيل البند المهم في (إعلان هونج كونج) المتضمن مراعاة ظروف الدول المنضمة حديثاً للمنظمة. ومن المسائل المهمة التي يجب أخذها في الاعتبار لتسهيل انضمام الدول لعضوية لمنظمة ما يلي :- أولاً: عدم خلط الأمور السياسية بالمسائل التجارية ووضعها ضمن شروط الانضمام لعضوية المنظمة بالمخالفة لقواعدها. فالمنظمة نشأت من اجل تسهيل وتنظيم التجارة العالمية، واتخذت من هذه الوظيفة تسميتها. ثانياً: تجنب إجبار الدول الساعية للانضمام تقديم تعهدات في مسائل لم يصدر فيها تفويض من المجلس الوزاري للمنظمة، ولا تزال محل دراسة وتفاوض في إطار النظام التجاري متعدد الأطراف. ثالثاً: التقيد بقواعد المنظمة فيما يتعلق بالانضمام لاتفاقيات التجارة المتعددة الأطراف الملحقة باتفاقية مراكش، وعدم استغلال حاجة الدول الساعية للانضمام بفرض تعهدات على تلك الدول بقبول الانضمام للاتفاقيات الاختيارية (عديدة الأطراف). رابعاً: تفعيل قواعد المنظمة التي تقتضي مراعاة تفاوت القدرات بين الدول المتقدمة والدول النامية، والأقل نمواً. ووفاء الدول المتقدمة بتعهداتها في المساعدة ببناء قدرات الدول الأقل نمواً لمساعدتها الاندماج في النظام التجاري المتعدد الأطراف.