ونستدعي بدايةً جميلاً، من زمن جميل، ملأ الحياة تفاؤلاً، وتعامل مع الأزمنة وكأنما هي لحظات مسروقة من تفاصيل مكثفة، ومزدحمة، وخاطفة، رغم التشرد، والاغتراب، والفقر، والدخول إلى عوالم جديدة من الثقافات، والتعاملات، والفهم، والناس، ونسيج العلائق، والصداقات، وكيمياء المكان، والأرواح، والأجساد. نستدعي ذلك الكائن الاستثنائي "الضيعاوي" ابن ضيعة المحيدثة، من المتن الشمالي، بالقرب من بكفيا، ونرفع الصوت معه. "وتمتع بالصبح ما أنت فيه لا تقل زال، حتى يزولا والذي نفسه بغير جمال لا يرى في الوجود، شيئا جميلا" الجمال، والحب، والفرح، والتفاؤل، والإيمان بأن الحياة جميلة ومبهرة تستحق أن تعاش بكل تفاصيلها، وبكل المظاهر المتضادة في فضاءاتها، هي أشياء يجب ان تكون جزءاً من نسغنا ، وهاجساً من هواجس تفكيرنا، وعملاً دؤوباً ومستمراً في مساراتنا الحياتية، فنحن لم نخلق للحزن، ولا للرعب، ولا للخوف، ولا "كأننا نموت غداً"، وحتى الموت يجب أن يكون في مفهومنا حالة احتفالية نعءبر من خلالها الى عوالم أخرى فيها إيمان مطلق بأن "الله غفور رحيم" وأن هناك وعداً بعدم القنوط من رحمة الله، ولو أسرف الانسان على نفسه. ما أروع ان نتعامل على أساس ان "الله غفور رحيم" وليس فقط على أساس "انه شديد العقاب" وهنا يكون التوازن، ويكون التفاؤل وتكون النظرة الى الحياة أبهى، وأجمل، وأروع، وأكثر عطاء، وإنتاجاً، وخلقاً، وإبداعاً، ونعطيها أجمل ما في نفوسنا، او ما يجب ان يكون في داخل نفوسنا من الحب، والتناغم، والتقارب، والصدق، وحسن الظن بكل تصرف، أو سلوك، أو قول، أو فعل. وجدت الحياة، ووجد فيها الجمال يفترش الفضاءات، والجمال الكوني ملكنا، يجب ان نستمتع به، ونتمتع بمكوناته، ونشربه حتى الثمالة، ونقرأه بالعين، والروح، والحس، والتأمل، ونثري أيامنا، وأزمنتنا بتفاصيله، وروعة تضاريسه، وتكويناته، وجغرافيته، لا أن نعيش الحياة مأزومين، ومتأزمين، ونمارس تأزيم الآخرين، وزرع حالة السواد، والحزن، والنواح، والرعب في دواخلهم بحيث يعيشون حياتهم، ونعيش حياتنا بأشكال غير سوية، وغير متصالحة، إن لم نقل حياة تحتاج الى مصحات عقلية. الخير هو الأساس في الناس، كل الناس، وما سواه استثناء تنتجه البيئة، والظروف، والثقافة، والمجتمع، وأساليب التربية، والتعاملات، والشر شيء نسبي تؤثر في تفاعله العُقد النفسية، والأمراض الاجتماعية التي هي نتيجة حتمية لأساليب القمع، والمصادرة، والتجريم، وإضعاف شخصية الكائن البشري، وتسفيه رأيه، وفكره، إن لم نقل قتلهما. دعونا نحب ثقافة الحياة، والعيش بحالة فرح دائم، ونلغي من قاموسنا الحياتي ثقافة التأزم، والتكهف، والعبوس، والشكوك. ونختم بقول جدنا الشاعر العربي "ألا أيها القوم النيام، ألا هبوا. أُسائلكم ، هل يقتل الرجل الحب..!؟"