حظيت دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لحوار الأديان السماوية باهتمام بالغ من كافة شرائح المجتمعات الدينية في العالم هذا ما أكدته البعض من وسائل الإعلام ووكالات الأنباء. وفي هذا الجانب أوضح أ.د. عبدالرحمن بن سليمان الطريري أستاذ علم النفس بجامعة الملك سعود ان دعوة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لحوار الأديان السماوية جاءت بعد لقائه مع العلماء والمفكرين المسلمين عقب انتهاء اللقاء السادس لحوار الحضارات والذي عقد في الرياض، وتأتي هذه الدعوة بهدف تجاوز الشدائد والمحن التي تمر بها الإنسانية في الوقت الراهن، وما من شك أن الدعوة للحوار بذاته يجسد تفكيراً متقدماً يرتبط بثقافة متقدمة ترتكز في أساسها على هذا المبدأ، وإذا تأملنا في ديننا الحنيف نجد أن الإسلام يؤكد على الحوار عند التفاعل والاتصال بالآخر حيث الآية الكريمة "ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن". وأشار الطريري الى ان الحوار لا يأخذ ولا يؤمن به ويمارسه إلا شخص ذو عقلية مرنة منفتحة، قادرة على النقاش والاستماع للطرف الآخر ومعرفة ما لديه من أطروحات أو آراء أو اجتهادات في أمر من الأمور أما ذو العقل المغلق أو المتصلب فإنه يصاب بالخوف والهلع عند سماعه لكلمة حوار ولذا يكون رده الرفض لمثل هذه الممارسة لأنه يخشى من الانهزام أمام الآخر وعدم القدرة على إبراز حججه مقابل ما لدى الآخر. ويؤكد الطريري ان هذه الدعوة دليل على أصالة هذه الأمة التي تعتبر الحوار منهجا في التعامل مع الآخر وتضع هذه الدعوة الكرة في مرماهم الحضاري لأن أفعالهم وممارساتهم التي تحركها غرائزهم وشهواتهم ستصدم بمفهوم الحوار والدعوة إليه ولو قبلوا مثل هذه الدعوة فهذا سيكون مجرد غطاء يظهرون من خلاله محاسن حضارتهم ذات الجذور المسيحية واليهودية. ويضيف الطريري ما من شك أن الحوار هو سمة المجتمعات المتحضرة في تفكيرها وثقافتها وإن كانت متأخرة في بعض الجوانب المادية، وفي نفس الوقت رفض الحوار أو استخدامه كمظلة تفرض من خلالها أطروحات ومصالح الطرف الآخر دون رغبة في الوصول الى كلمة سواء يمثل تخلفاً حضارياً ليس مقبولاً في وقت تشابكت فيه المصالح ولم يعد للقوة والسلاح تلك السطوة التي يتم من خلالها استباحة أموال وكرامة الآخرين واحتلال أراضيهم ودولهم. ولمح أن هذه الدعوة للحوار بين الأديان قد وجدت صدى إعلامياً قوياً داخلياً وخارجياً، لكن والحديث هنا للطريري يبقى السؤال هل تجد هذه الدعوة عقولاً في الغرب تقبل بالحوار كوسيلة تفاهم بين المجتمعات بدلاً من استعمال السلاح وتدمير المجتمعات، وعلق نجاح هذه الدعوة بالاستعداد الذي يوجد لدى الغرب في التخلي عن عقيلته الفوقية وممارساته الاستعمارية.