يذهب الكاتب الصحافي الزميل محمد الطريري في كتابه «أزقة العقل السعودي» ( صادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر - بيروت)، بعيداً في رصد التفاصيل السعودية، إذ يفتح العديد من الملفات الساخنة، ويناقش الكثير من القضايا التي تجتمع على رغم تباعد عناوينها في سعودية البطل أو المسرح أو الحدث.ويشير الطريري في كتابه إلى أن التفاصيل السعودية مثيرة، «إذ غالباً ما تكون مصحوبة بصفة الخصوصية، وأحياناً تفرض نفسها بغرابة الشكل، وتتلون هذه التفاصيل بين محطات الإرهاب، أو شغب المثقفين مع القضايا التي تتقاطع مع رؤى مضادة، وليس انتهاءً بالتفاصيل المجتمعية الدقيقة التي تسمح بالتوغل في زوايا معتمة»، مؤكداً على أن هناك ما يغري بالتسكع «في أزقة العقل السعودي، إذ الضجيج هو العنوان الأبرز لتفاعلات هذا المجتمع مع نفسه أو محيطه أو العالم». في هذا الكتاب نكتشف أجواء زيارة أسامة بن لادن لمعسكر الفاروق قبل أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) بأسبوعين والتي أطلق فيها بشارته لأعضاء تنظيم القاعدة في شهادة نادرة يقدمها عضو سعودي سابق في التنظيم ذاته، كما نراقب معركة الأسئلة والإجابات حول التطرف الذي تتدحرج كرته في أكثر من اتجاه، ومن دون إغفال لمشاعر المراهق الذي يجد هوايته في الرقص على العجلات أو على كثيب الرمل. ويأتي المسرح الزمني لهذه الأحداث في الفترة ما بين سنة 2000 إلى سنة 2008، وهي فترة لا يمكنها ادعاء الهدوء أو الرتابة عطفاً على حجم القضايا والأحداث، التي تشكلت بدءاً من تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر، واحتلال أفغانستان وليس انتهاءً باحتلال العراق وما أعقب ذلك من ارتداد لموجات الإرهاب إلى الداخل السعودي، فضلاً عن عناوين سعودية خالصة كانت وقوداً لسجالات كثيرة. ويتضمن الكتاب الكثير من القصص الصحافية عن أحداث يرويها أبطالها كما عاشوها، أو تحقيقاً يأخذ ملمحاً عن قضية ما، سواءً كانت اللقطة الصحافية توثيقاً لما جرى في مكان وزمان محددين، أو قراءة لظاهرة تكرر باستمرار. ويؤكد الطريري على عدم وجود خيال روائي في وصف الوقائع، إذ القصة يرويها أصحابها كما عايشوها لحظة الحدث، إضافة إلى عدم وجود تدخل في أي رأي أو تفسير، إذ يتحدث المتخصصون بوضوح تجاه ما يرون من قضايا. ويقول: «هنا تعلن القصة عن نفسها بعيداً عن حواشي الشرح والتعليق».