سجلت أسعار الذهب حاجزاً جديداً ناف عن الألف دولار للأونصة للمرة الأولى في التاريخ في أسواق الأموال والسلع في نيويورك يوم الخميس الماضي، إذ وصل في فترة ما بعد ظهر ذلك اليوم 1.005دولارات للأونصة، قبل أن يعود ويهبط الى ما دون حاجز الألف بقليل، 998.70دولاراً للأونطة عند إغلاق الأسواق. ويقول المحللون ان ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق هو عادة "فأل سيء" لأنه يؤشر الى حدوث اضطرابات في الأسواق وأسعار العملات. ولكن المحللين يقولون انه عدا عن أوضاع الأسواق المالية السيئة، فإن هناك عوامل موضوعية أخرى ستعمل على تواصل ارتفاع أسعار هذا المعدن الثمين. ويقول المحللون الاقتصاديون ان أحد الأسباب الرئيسية لارتفاع أسعار الذهب، عدا عن الاقبال الزائد عليه بسبب الزيادة الطبيعية في أعداد سكان العالم وارتفاع مستويات الثروة عند مجتمعات جديدة كما هو حاصل في الاقتصادات الجديدة في الصين والهند وبعض دول أوروبا الشرقية، هو أن المستثمرين - والافراد العاديين يشترونه اعتقادا منهم بأن سعره لن ينخفض أبدا، وهو بمثابة نوع من الضمانة ضد الأسوأ! وقال الاقتصادي بيتر بينستين، وهو خبير في أسعار الذهب، انه حين بدأت الاسواق المالية تتأرجح في نهاية العام الماضي بعد بدء تكشف أزمة القروض العقارية في السوق الأميركية، فإن المواطنين العاديين والمستثمرين على حد سواء بدأوا يعتقدون أنها ليست فكرة سيئة شراء هذا المعدن والاحتفاظ به. وقال جيمس ستيل، كبير محللي السلع ببنك إتش إس بي سي، ان "الذهب مؤشر جيد على الأحداث المالية والاقتصادية"، مضيفا ان أزمة القروض العقارية "تسببت في موجة شراء للسلع كنوع من بوليصة التأمين، ولكن الذهب كان أكثر هذه السلع من حيث الإقبال عليه بسبب قيمته الثمينة". ويقول هؤلاء الخبراء انه مع انخفاض أسعار الدولار بصورة غير مسبوقة ومواصلة مجلس الاحتياط الفدرالي الى خفض أسعار الفائدة، فإن الذهب بات "استثمارا أكثر إغراء من أي وقت مضى. ويقولون ان الاستثمار في السندات الحكومية او شهادات التوفير البنكية لم يعد مجديا كما كان لأنه لو استثمر المرء مبلغ 10آلاف دولار في بنك الآن بنسبة 5بالمئة مثلا لسنتين، فإنه قد يكون خسر بعد سنتين حين يسترد هذا المبلغ لأن قيمة الدولار قد تكون انخفضت بأكثر من الفائدة التي حصل عليها خلال السنتين، كما قال أحد المحللين. وأضاف: "ولو كنت اشتريت ذهبا بهذا المبلغ، فلربما تكون قد حققت ربحا وفيرا بعد سنتين بالمبلغ نفسه، وهذا هو الذي يدفع الكثيرين الى شراء الذهب وهو ما يرفع سعره الآن". وقد أدى ارتفاع أسعار الذهب الى أرباح هائلة لبعض المحتفظين به بكميات كبيرة. فمثلا يحتفظ بنك الاحتياط الفدرالي في نيويورك بنصف مليون صفيحة من الذهب مخزونة على عمق 80قدما تحت الأرض في منطقة مانهاتن السفلى في نيويورك، وهو أكبر رصيد للذهب في العالم. ويقول الخبراء إن قيمة هذا الذهب التي كانت 162بليون دولار العام الماضي ارتفعت الى 245بليون دولار في الأيام القليلة الماضية حين بلغ سعر الأونصة من الذهب ألف دولار، وهو ما يعني أن هذا الرصيد من الذهب لوحده عاد على بنك الاحتياط بما يناهز المئة مليار دولار خلال عام واحد!. ويحذر المراقبون من أن تواصل الأنباء الاقتصادية السيئة من قطاعات الاقتصاد الأميركي الأخرى سوف لن يعني سوى ارتفاع اضافي في أسعار الذهب، خصوصا اذا تواصلت زيادة الطلب على العرض. ويقول هؤلاء انه بالإضافة الى الأسباب السابقة الذكر لارتفاع أسعار الذهب، فإن هناك سببا آخر، وهو انخفاض انتاج الذهب مؤخرا. فقد أعلنت حكومة جنوب أفريقيا، وهي المصدر الأكبر لإنتاج الذهب في العالم الأسبوع الماضي ان إمدادات الذهب من مناجمها قد انخفضت بنسبة 17بالمئة هذا العام عن العام الماضي بسبب ما وصفته ب "اخفاقات في شبكات الكهرباء" في مناطق تعدين الذهب، وهي أكبر نسبة انخفاض في انتاج هذا المعدن منذ أكثر من عشر سنوات.