اتفق رؤساء شركات الغاز في كازاخستان وأوزبكستان وتركمانستان خلال اللقاء الذي جمعهم مؤخراً وبحضور العملاق الروسي للغاز "جاز بروم" على رفع أسعار الغاز المستخرج من منطقة آسيا الوسطى لتعادل مستوى الأسعار الأوربية. ويُعد هذا الاتفاق لأكبر الدول المنتجة للغاز في منطقة آسيا الوسطى نواة لإعلان أول تكتل للدول المنتجة للغاز، حيث أشار رؤساء الشركات المشاركة في الاجتماع إلى ضرورة استفادة دولهم بشكل منتظم من مواردها الطبيعية وبصورة تحقق مصالحها إلى جانب حقها المشروع في تحديد سعر الغاز بنفس الأسعار التي تقوم شركة "جاز بروم" بعرضه على الدول الأوربية من خلال العقود طويلة الأمد، وقد أكدوا خلال الاجتماع على أن 250- 270دولاراً لكل ألف متر مكعب من الغاز سعرعادل، كما تشير المصادر إلى أنه قد وجد اقتراح يعتمد على سعر آخر وهو 200- 230دولاراً لكل ألف متر مكعب من غاز آسيا الوسطى، وأساسه هو الفارق بين متوسط سعر بيع الغاز لأوربا وسعر ترانزيت الغاز من حدود الدولة المنتجة إلى حدود الدولة المستهلكة وهو ما يعرف بمبدأ "نيت باك". وكما هو واضح فإن السعر الجديد ارتفع مرتين تقريباً عن السعر المعمول به حاليا، وقد أكدت شركة "جاز بروم" أن ذلك أمر طبيعي لا غرابة فيه، ونوهت الشركة إلى أن شركاء روسيا في آسيا الوسطى يتحدثون عن أن روسيا تدعم الاقتصاد الأوكراني على حسابهم. حيث تقوم شركة جاز بروم بشراء حوالي 42مليار متر مكعب من الغاز من تركمانيا وحوالي 8مليارات من أوزبكستان و 8مليارات من كازاخستان، وكان السعر خلال هذا العام وصل مستوى 140دولاراً، و 145دولاراً، و 160دولاراً لكل ألف متر مكعب من الغاز. وتحصل أوكرانيا على كميات كبيرة من هذا الغاز بسعر 5ر 179دولاراً مما يضمن الربح للمشاركين في خطط التوريد من جهة، والسعر المقبول لأوكرانيا من جهة أخرى، أما "جاز بروم" فتقوم ببيع الغاز الروسي لأوكرانيا هذا العام بسعر 6ر 314دولاراً لكل ألف متر مكعب، ومازال رد فعل السلطات الرسمية في أوكرانيا على الأنباء المثيرة القادمة من موسكو، مجهولا. كما أن هذا من شأنه أن يخلط أوراق الحكومة الأوكرانية التي قررت مؤخراً منع شراء الغاز بسعر أعلى من 179دولاراً لكل ألف متر مكعب، الأمر الذي قد يدفعها إلى إعادة النظر في قرارها هذا لأن "جاز بروم" لن توافق بأي حال من الأحوال ببيع الغاز لأوكرانيا بسعر يقل عن السعر الذي تحصل عليه من آسيا الوسطى، خاصة وأن هذا القرار جاء متزامناً مع بدء جولة جديدة من المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا حول خطة توريد الغاز إلى أوكرانيا في عام 2008.يُذكر أن أوكرانيا من المتوقع أن تكون أكثر المتضررين من هذه الخطوة، حيث إن هذا القرار سيقلل من فرص تنفيذ مشاريع نقل الغاز من تلك الدول إلى أوربا بشكل يتخطى روسيا وهو ما تؤيده الدول الغربية، كما أن أوكرانيا بكل تأكيد لن تحصل على الغاز بسعر أقل من دول آسيا الوسطى وهو ما سيترتب عليه عواقب لا يمكن التكهن بها بالنسبة إلى اقتصاد أوكرانيا. ويرى الخبراء في قطاع النفط والغاز أن موافقة أوكرانيا على شراء الغاز وفق الأسعار الأوربية فإنها بذلك تفرض على مواطنيها زيادة نسبتها 80بالمئة عن الأسعار الحالية، ويبقى لأوكرانيا رفع سعر ترانزيت الغاز الروسي إلى أوربا والذي من نتيجته حرمان "جاز بروم" من ربح يبلغ من 1إلى 1.5مليار دولار سنويا. ولكن يمكن ل "جاز بروم" تعويض هذه الخسارة عن طريق رفع سعر نقل الغاز من آسيا الوسطى عبر الأراضي الروسية والذي يبلغ حاليا 1.7دولار لكل ألف متر مكعب مسافة 100كم. وبشكل عام يبلغ سعر نقل الغاز من آسيا الوسطى إلى أوكرانيا حوالي 10دولارات لكل ألف متر مكعب. ومن المتوقع أن تقوم الشركة الروسية بزيادة هذا السعر مرتين. أضف إلى ذلك أن دول آسيا الوسطى ترتبط مع العملاق الروسي "جاز بروم" بعقود طويلة الأمد، كما أنها لا تملك خطوط نقل بديلة إلى أوربا ولذلك فان الشركة الروسية تدخل المفاوضات معززة بكل هذه العناصر، في حين يبقى أمام دول آسيا الوسطى البحث عن مشاريع بديلة لنقل الغاز بشكل يتخطى روسيا ومن ضمنها أنبوب من الشاطئ التركماني إلى تركيا وكذلك مشروع "نابوكو" من قزوين إلى أوربا وهذا ما يدعو إليه الغرب، الأمر الذي قد يجعل من شيطان الغاز سبباً في توتر المنطقة.