المحاورة الشعرية.. من التراث الشعبي العريق، ويعد من أبرز الفنون الشعبية المحببة في منطقة الخليج والجزيرة العربية وله جماهير كبيرة تحرص دائماً على متابعته ويقدرون قيمته الثمينة خاصة من الشعراء الحقيقيين، وشاعر المحاورة يتميز عن غيره من بقية الشعراء بإجادة فن الارتجال الذي يكون وليد اللحظة وسرعة النقض والفتل ولا يمكن لشاعر المحاورة أن يجيد هذا الفن إلا إذا كان يتمتع بالموهبة الشعرية وقد صقلها بالمران والممارسة وحسن الاطلاع الواسع وبعد النظر وتعامله الجيد في الدفاع والهجوم حسب الموقف. وفي الآونة الأخيرة لاحظت بشكل كبير عرض الكثير من المحاورات الشعرية عبر شاشات الفضائيات حيث يتم بث العديد من المحاورات الشعرية رديئة المعاني ويصدر فيها بعض الألفاظ النابية وغير اللائقة والتي تصل في بعض الأحيان الى حد التجريح والاستهزاء من قبل بعض الشعراء وهذا التصرف بدون شك يفقد الشعر قيمته الحقيقية، ونحن ضد هذا الأسلوب البذيء ونعتبر الشاعر الذي يقع في هذا المستنقع الضحل قد حكم على نفسه بالفشل. والمخجل أن هذه القنوات لا تزال مستمرة في هذا العبث الفضائي الذي أفقد الثقة بالشعر وحد من نجومية وتألق الشاعر وإبداعه.. وكم تمنينا أن لا نشاهد مثل هذه الظاهرة وأن لا تنتشر ولكن يبدو أن اللهث وراء الكسب المادي جعل شعر المحاورة يفقد شيئاً من جاذبيته حيث افتقد التجديد والإبداع وأصبح التكرار هو السمة المعتاد عليها في مثل هذه القنوات الفضائية التي تسببت - مع الأسف - في حدوث الملل والتقليل من شأن الشعر بين الشعراء أنفسهم والجماهير المتذوقة لفن المحاورة وإبداعاتها. وهذا لا يعني أنه قد فقدت الثقة في شعر المحاورة وأنها فقدت بريقها وجمالها فهناك - ولله الحمد - بالرغم من حدوث هذا العبث الفضائي الكثير من شعراء المحاورة الذين يلتزمون بقوة الندية وجمال المعاني وروح الإبداع والتألق والنجومية، وأصبحت محاوراتهم مليئة بالجزالة وأساساتها.. ونحن كمتابعين لهذا الفن الأصيل نطالب بوقف مثل هذا العبث الفضائي، وانتقاء المحاورات الجميلة والنادرة والتي ترتقي بالذوق، وكذلك نأمل من الشعراء أن لا ينجرفوا مع هذا التيار، والبعد كل البعد عن مثل هذه التصرفات الخاطئة التي تحد من جمال المحاورة وتفقدها بريقها وحلاوة الإبداع والتنافس داخل ميادين المحاورة.