إسرائيل تهاجم غزة، وتتوعد بمحرقة للفلسطينيين، وهي سابقة جديدة من نائب وزير الدفاع في تل أبيب أن يعيد مسمى المحرقة التي طالما كانت طاقة إسرائيل في الوجود واستنزاف الدول الغربية بالمعونات والأتاوات، كما في الحالة الألمانية كإحدى دعائم دعايتها حول ما لحقها من إبادة.. وأمريكا ترسل إحدى بوارجها مع طواقمها العسكرية، لترسو في المياه الدولية حول لبنان الذي تتجدد أزماته مع انتخاب رئيس، وفتح ملفات القتلى، من الحريري، وحتى آخر من سقطوا في أعمال التفجير، ونسف المبادرة العربية في حل الأزمة.. والقمة القادمة تراوح بين الانعقاد، والتأجيل، أو عدم حضور دول عربية عديدة، وهناك بواعث تتحدث عن أن إسرائيل تخشى مفاجأة ما من قبل حزب الله، وأن المدمرة الأمريكية جاءت لتعزيز أمنها، أو أن طبخة ما تم إعدادها وإنجازها.. الترتيبات الأمنية العربية صارت تُحكم من الخارج، وبالتالي ليس هناك ما يشير إلى فك ارتباط مع اللاعبين في الشأن الفلسطيني، وبسبب الانقسامات تطوعت إسرائيل بحسم المسائل بما تراه تهديداً لأمنها، لأن ضعف الجبهة الداخلية الفلسطينية، أعطى مبرراً لأن تتجاوز دول المنطقة بتصعيدها العسكري، وبضوء أخضر من أمريكا، والدول العربية التي حاولت أن تحمل الأمل بأن يدرك الخصوم خطورة الموقف، باتت خارج ميادين المعركة الدبلوماسية، وعاجزة تماماً عن وقف الاعتداء الإسرائيلي، أو وجود القوة العسكرية قريباً من الأرض اللبنانية والسورية.. فارق كبير بين ما يجري من محاولات لخلق مسار عربي يتضامن على أساسيات أوضاعه، وبين إسرائيل التي تجني أرباحها كل يوم، ومشكل كبير أن ندّعي التحرر، ونحن معلَّقون من رقابنا بأوضاع الدول ذات المصالح بالمنطقة، والتي تبرر كل عمل بأنه ينسجم مع سياساتها.. حالات الاستقواء، سواء من الدول أو أصحاب المذاهب، وحتى الأقليات، في دول خارجية تكررت مع العرب في معظم تواريخهم، لكننا الآن لا نفاجأ إذا ما تغيرت معالم الجغرافيا وحتى الدول مع الأيام الأخيرة للرئيس بوش، الذي تجددت جراحه مع المنطقة من خلال الفوضى التي لاتزال تسود في العراق ولبنان، وأفغانستان، وربما تتطور إلى خلق جبهات حرب مع إيران، وهنا سيكون الخاسر الأكبر في كل ما يجري المنطقة العربية وما حولها.. نقاط الضعف العربية كبيرة، ويصعب ترقيعها، لأن أطواق المشاكل التي بعثت استسهال الحروب، وقررته طبيعة السياسات المختلفة، لازالت تتجدد بأعذار وقوانين لا تملك هذه الدول منعها، ولعل القضية الفلسطينية، التي خرجت من المعادلات إلى الضياع، وحالات الاستقطاب والتشرذم، تضع لبنان على نفس الحافة، ويخطئ من يعتقد أن العامل الخارجي هووحده المسؤول عن هذا الواقع، أمام مشهد التأزم بين القوى الداخلية التي تفترض أن النضال الفلسطيني تجربة قادرة على توحيدهم، وأن حروب لبنان الأهلية من المفترض أن تكون جرس إنذار لأي انزلاق خطر نحو الحرب أو تدويل أوضاعه.. عموماً العرب على خط النار مع إسرائيل، وأمريكا، وربما مع دول إقليمية أخرى كما هي الحال في شمال العراق مع الأتراك، وربما تتسع المعارك إلى داخل البلدان العربية الأخرى في السودان، والصومال، لنعيش حالة عدم الاستقرار، وحتى المغرب العربي لديه نفس الأرصدة من المتفجرات التي قد تقوده إلى استنساخ أوضاع مشرقه لتتحول هذه المعارك إلى طوق أزمات مستمرة..