بعد الحوار بما تعتبره أمريكا ضرورياً مع قوى التطرف، والاعتراف بكوريا الشمالية دولة ذات سيادة والعودة إلى دول محور الشر، نجد التسخين السياسي، بدأ يفوق مشروع التدخل العسكري أي أصبحت العراق تجربة غير قابلة للتصدير لدول أخرى، خاصة وأن نشوة الانتصار، حُسمت إعلامياً ولم تُحسم عسكرياً، وسياسياً، وهنا تعالت الأصوات في أمريكا، وبريطانيا بضرورة إعادة النظر في أساليب الحرب، والتخطيط للخروج من مأزق العراق بصورة تناسب المغامرة التي جاءت لتقلب المتوقع إلى حرب استنزاف طويلة، لا يداويها تغيرالدكتاتورية، أو تجميل الوضع بديموقراطية غير متحققة، وسط فوضى الإرهاب، وندرة الحصول على الأمن، والمواد الضرورية لشعب تعتبر موارده الأهم في كل المنطقة.. الخيارات الجديدة، انقلاب في الأفكار الأمريكية، أي أن الدبلوماسية قد تكون البديل الناجح مع بعض الأنظمة، يرافقها خلق قلاقل بالدول التي توضع على القائمة المعادية، ومن هنا يأتي تحريك القوى الداخلية كبديل في إيران مثلاً، أي يمكن تنشيط حركة مجاهدي خلق، وعربستان في الضفة الشرقية للخليج، وإدارة نفس الاتجاه مع سورية، سواء بتحريك الجبهة اللبنانية، أو العراقية، لإرباك الوضع هناك، إلا أن حساسية وضع إيران وسورية يجعل هذه المغامرة خطرة، ولعبة غير مأمونة النتائج.. فإيران لديها قاعدة قوية في لبنان والعراق، ويمكنها نقل معركة حدود مع أفغانستان لتجعل أمريكا في حال تيه طويل في دروب حروب صغيرة، قد تنشأ في ظلها حروب طويلة.. كذلك الأمر مع سورية، التي لديها أوراق داخل لبنان، والعراق معاً في تحريك جبهتي حرب تبدأ بالاضطرابات ولا تنتهي عند استخدام وسائل أكثر تعقيداً، وحتى لو دخلت إسرائيل ميدان الصراع، فالأمر ليس بالسهولة إذا ما اختلطت الدوافع بالأهداف، بحيث تأتي التحالفات داخل المنطقة بظروف مدمرة سواء جاءت على شكل تنظيمات داخلية مثل تحالف الطوائف، أو تلك التي تبحث عن هدف قومي، وقبلي، وهذا قد لا يمنع قوى خارجية من التدخل بصيغ أخرى، مما قد يخلق نمطاً جديداً من دمار شامل قد يصعد بدول المنطقة أن تدخل المحرقة الطويلة بكل تشكيلاتها الدينية والحزبية والطائفية.. فالإرهاب الذي ينمو وتتسع قاعدته يبقى مدعوماً من قوى غير واضحة، لكن بحالة وقوع معظم الدول تحت الخطر الأمريكي فإن البديل الاستعانة بالإرهابيين الذي قد تكون دواعيه أكثر جاذبية، ومن هنا قد يصبح ما يعتبر توظيفاً لجبهات داخية معارضة لبعض الأنظمة والإخلال بأمنها، ربما يولد اتجاهاً تصاعدياً بالأزمات التي لا يتوقعها محركو هذه السياسات..