وفاة مريض نفسي في الطائف تثير قضية إجرائية في مستشفى الصحة النفسية لأنه مصنف من المرضى المنسيين ممن انقطعت عنهم زيارات أقاربهم ... هذه قضية إنسانية قبل أن تكون قضية إجرائية فالمرضى النفسيون هم من الفئة المسلوبة الإرادة، وتعاني من النكران والجحود من الأهل إضافة إلى فقدانهم الهوية الشخصية الثبوتية فالمريض الذي توفي مؤخراً في الطائف يرحمه الله رحمة واسعة دخل المستشفى منذ عام 1396ه ويبلغ من العمر (60) عاماً ومن الفئة المنسية التي لا يزورها أحد. وزارة الصحة مسؤولة عن الصحة الجسدية والنفسية أما وزارة الشؤون الاجتماعية فتقع عليها الرعاية الاجتماعية .. رعاية اجتماعية للمريض ولأسرته وهنا دور مغيّب للجمعيات الخيرية التطوعية والاجتماعية لتساند وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية .. غياب الجمعيات التطوعية والخيرية وعجزها عن الوصول إلى حالات مرضية في مستشفيات الصحة النفسية ودور الرعاية الصحية (النقاهة) لأشخاص لديهم إعاقة ومنسيون داخل غرف وأروقة المستشفيات وهم بكامل قواهم العقلية لكنهم يعانون من إصابات وإعاقات بسبب الحوادث أو السن والشيخوخة، ولهم أقارب من الدرجة الأولى من أبناء وبنات وأحفاد، ينقطعون عن زيارتهم ويتخلون عنهم في غرف باردة عواطفها .. وبالمقابل فإن بيوت إيواء الجمعيات الخيرية لا تستطيع إيصال الدفء الاجتماعي لهم فتتركهم يواجهون مصيراً غامضاً محطمين نفسياً وجسدياً. لماذا لا تتشكل لدينا جمعيات تطوعية أو خيرية تعنى بالروابط الاجتماعية والصلات بين أبناء المجتمع ليس فقط الرعاية الصحية وإنما الرعاية الاجتماعية للآباء والأبناء في مستشفيات النقاهة والأمل والمصحات النفسية ومدارس الأيتام ودور الإيواء؟ فوزارة الصحة مسؤولة عن الصحة العامة وليس الرعاية الاجتماعية داخل مستشفياتها، وكذلك ليست معنية بحل مشكلات المرضى والخلافات الأسرية والنزاعات بين أفراد العائلة .. ووزارة الشؤون الاجتماعية هي الأخرى لا تستطيع حل كل المشكلات الاجتماعية دون إيجاد جمعيات تطوعية خيرية تؤدي دورها التطوعي خارج نطاق العمل الحكومي لتعمل لمصلحة هؤلاء المعاقين وأصحاب الأمراض النفسية وتستكمل إجراءاتهم لدى الدوائر الحكومية وتدافع عن حقوقهم الخاصة والعامة وتقدم لوزارات الدولة سجلاً عائلياً للمرضى والمعاقين .. نحتاج جمعيات اجتماعية لدعم أجهزة الدولة في توفير الخدمة العلاجية للمستحقين ممن يلاقون جحوداً من أهاليهم أو لمن تقطعت بهم السبل من غير السعوديين ولا يجدون من يرعاهم .. هذه أعمال خير وبر للوطن وواجبات إسلامية غفلنا عنها وجاء الوقت الآن لنعزز جانب الترابط الاجتماعي.