تقول المادة العاشرة من النظام الأساسي للحكم: (تحرص الدولة على توثيق أواصر الأسرة والحفاظ على قيمها العربية والإسلامية، ورعاية جميع أفرادها وتوفير الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم). ولمَّا كانت الأسرة بهذه الأهمية لدى المجتمع ولدى الدولة فإن دورها الأمني في صيانة فكر أبنائها وحمايتهم من كل فكر ضال وصونهم من كل انحراف ومن كل رفقة سيئة ومن أخطار الانزلاق في مهاوي الردى والسلوك المنحرف، وإعدادهم ليكونوا أفراداً صالحين للإسهام في حفظ أمن وطنهم: دور في غاية الأهمية وهذه المسؤوليات الجسام تحتم على الأبوين وضع نظام حياتي يومي داخل الأسرة، ينطلق من القدوة الحسنة ويستطيع الوالدان من خلاله رعاية أبنائهما رعاية حقيقية وممارسة دورهما الحقيقي في حسن رعاية أبنائهما. وتلمس حاجاتهم المادية والنفسية والعاطفية وملاطفتهم ومداعبتهم مع الحرص على وضعهم في درجة واحدة من الاهتمام وحسن الرعاية، وتخصيص أوقات في اليوم والليلة لمجالستهم والتحدث معهم في شؤونهم الخاصة بحب وحميمية واختيار بعض أيام الإجازات الأسبوعية للخروج والتنزه واللعب معهم، ومحاورتهم في بعض الأمور التي قد تبدو في نظر الكبار بسيطة، مع محاولة استخدام أساليب الإقناع بلطف أثناء تصحيح أي اعوجاج. وفي هذا القرب حماية لهم وصيانة لفكرهم وكسب لمشاعرهم صوناً لهم من رفقاء السوء، وإشغالاً لأوقاتهم بالمفيد من الطاعات والنشاطات، ومحاولة تحصين أذهانهم الفكرية من الخواء النفسي والفراغ الروحي والذي ينتابهم ويعاشرهم أثناء الوحدة والفراغ والخلوة مع أنفسهم أثناء البقاء والمكوث طويلاً بدون عمل أو وظيفة أو استمرار دراسة أو نحوها. إن بناء الثقة والتعاون بين الأسرة وأبنائها لا يقوم إلا بزرع وتوطين الأمن الفكري في نفوس الأسرة وأجيالها وغرسه في أذهان الصاعدة منهم "الشباب" وإشاعة روح الطمأنينة في الأولاد المراهقة والذين هم في حالة نشاط فكري وحماس ذهني متشدد ومتعصب لتطبيق ومماثلة كل ما يراه أو يحدث أو يقع أمام بصره من صور وعجائب وأحداث وإن كانت منافية للأخلاق الإسلامية ومنابع العقيدة الصحيحة والشرع القويم. إن مفهوم الأمن الفكري وتنشئة الأجيال هو صيانة المراهقة من الشباب وكذلك الصبية الأحداث وحماية أفكارهم من الغزو الفكري الغربي الهدام وكذلك الإشاعات الإعلامية الوهمية والتي تدعوهم للسفر إلى الغرب ودول الكفر والإباحية للوقوع في مهاوي الردى والرذيلة ومعاشرة اليهود والعلمانيين والأخذ عنهم كل ما هو مناف للإسلام والعقيدة وزرع الرذيلة في نفوسهم وهم أحداث ومراهقة ثم تتصور الأحقاد الدفينة في نفوسهم وأفكارهم على بلادهم وعقيدتهم وهم شباب في مرحلة الفتوة والقوة والعزم ثم يصبحون أو يصيرون أجيالا فاسدة في المجتمع ليس في أفكارهم وأذهانهم سوى التفكير في الخراب والسعي وراء الإرهاب والفساد في المجتمع، وهذا ما نخشاه على أبنائنا، وأجيالنا وخاصة المراهقة والأحداث والعاطلين عن الدراسة والعمل منهم، وتخشاه كل أمة على أجيالها. أعود وأؤكد: إن مظاهر الفراغ بدأت تتفاقم في هذا الزمن ووجدت فرائسها من الشباب من أبنائنا، وخصوصاً العاطلين عن العمل، وكذلك المراهقة منهم، وبدأت أوقاتهم تتحول إلى مشكلة في كل مكان يرون الاستقرار فيه أو البقاء فيه وإن كان البيت أو المنزل، هذا إذا ما تحوَّلت ساعات البقاء في المنزل إلى مشادات كلامية وخصام وزجر بينهم وبين أولياء أمورهم "آباءهم" لضيق الوقت لديهم وعدم إيجادهم أو حصولهم على عمل أو وظيفة، وضياع الوقت من بين أيديهم وإهدار الزمن في سبيل الفراغ والبقاء على غير منفعة في صحبة رفقاء السوء، وتكوين مجموعات نافرة من الشباب العاطلين عن الدراسة والعمل ليس في همها سوى المشاغبة وسط الأسرة بين الوالدين والإخوان، والإفساد على المجتهدين من أقرانهم جديتهم في النبوغ والتفوق.