وحيث إن الصغير لا تتوفر فيه أهلية التصرف لعدم اكتمال الإدراك اللازم لتقدير ما يترتب على تصرفاته، فقد اجمع الفقهاء على وجوب الحجر على الأيتام الذين لم يبلغوا الحلم لقوله تعالى ( وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح ) والفقهاء في حكم تصرفات الصغير وأثر الحجر عليه لم يفرقوا بين المميز وغير المميز، فيجب على كل من الصبي والمجنون ضمان ما أتلف من مال أو نفس، ويصح تصرف المميز بإذن الولي، وينفك عنه الحجر فيما أذن له فيه من تجارة وغيرها، ويصح إقراره فيما أذن له فيه. ولا يسلم الصغير أمواله إلا بتحقق شرطين هما البلوغ والرشد لقوله تعالى ( وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم) فإذا بلغ رشيداً يرفع الحجر عن الصغير بدون الحاجة لحكم القاضي لأن الحجر عليه ثبت بغير حكم القاضي، ويرفع الحجر عن الصغير عند الجمهور بأذن الولي إياه بالتجارة وبلوغه رشيداً. أما إذا بلغ الصغير غير رشيد فلا تسلم إليه أمواله، ويحجر عليه بسبب السفه. ويحدث البلوغ أما بالإمارات الطبيعية أو بالسن، والعلامات ثلاث مشتركة بين الرجل والمرأة وهي الإنزال (الاحتلام) والإنبات والسن واثنان تختص بهما المرأة الحيض والحبل. وحدد سن البلوغ بالخامسة عشرة لحديث ابن عمر (عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد ، وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني ولم يرني بلغت ، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة ، فأجازني ، ورآني بلغت). والرشد عند الفقهاء هو صلاح المال، أي توفر الخبرة في إدارة المال واستثماره وحفظه وإصلاحه ويختبر رشد الصبي في الدين والمال. ويشترط تكرار الاختبار مرتين أو أكثر قبل البلوغ وبعده. والولي هو صاحب السلطة الشرعية التي يتمكن بها من التصرف في مال المحجور عليه من غير توقف على إجازة أحد. وولي المحجور عليه صبياً أو غيره في الأموال هو الأب إن كان موجوداً ولم يكن مجنوناً أو محجوراً عليه. وبذلك تكون الولاية على الصبي والمجنون للأب ، ثم لوصيه من بعده ثم للحاكم. لكن أن جدد الحجر على الشخص بعد بلوغه فالولاية عليه للحاكم، لأن الحجر يفتقر إلى حكم الحاكم وزواله يفتقد إليه فكذلك النظر في ماله. واتفق الفقهاء على أن الولي يتصرف وجوباً في مال الصبي القاصر بالمصلحة وعدم الضرر لقوله تعالى ( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده)، ولا يجوز لولي الصغير أو المجنون أن يتبرع بهبة أو صدقة أو يحابي في شراء أو بيع أو يزيد في النفقة، فإن حدث منه تفريط فإنه يضمن ذلك لأنه مفرط لتصرفه في مال غيره. ويجب على الولي إخراج الزكاة من المال والتجارة به في مواضع الأمن وغلبة السلامة لقول عمر رضي الله عنه اتجروا في أموال اليتامى لئلا تأكلها الصدقة. ويجوز للولي الإذن للقاصر في التجارة إذا آنس منه الخبرة لتدريبه على طرق المكاسب والأذن بمثابة التوكيل ، فلا ينفك الحجر بالإذن إلا فيما أذن له فيه وليه فقط، وإذا أذن في نوع من التجارة يتقيد المولى عليه بهذا النوع لأن تصرفه جاز بالإذن. ويصح إقرار المميز المأذون بقدر ما أذن له فيه لأن الحجر أنفك عنه فيه، والولي إن كان غنياً لم يجز له الأجر، وإن كان فقيراً جاز له ويحدد الأجر بحسب العرف الشائع لقوله تعالى (ومن كان غنياً فليستعفف ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف). @محامٍ [email protected]