حين صدرت الموافقة من قبل الجهات الرسمية على تنظيم عملية التوسط في استقدام العمالة من خارج المملكة وتنظيمها بما يحقق مصلحة الوطن ويحفظ حقوقه، كان بعدها لابد على جميع مكاتب الاستقدام الأهلية من خلال هذا التنظيم الجديد الذي أعقبه صدور قرار بالعقد الموحد لمكاتب الاستقدام الأهلية كان على هذه المكاتب ان تكون على مستوى المسؤولية المناطة بهم من حيث الوفاء بالتزاماتهم للمواطنين وحسن الاختيار للعمالة المطلوبة مع الالتزام بجميع التعليمات المرخص لها (أي المكاتب) بموجبها. هذا العقد الموحد الذي ينظم العلاقة بين مكاتب الاستقدام الأهلية والمتعاملين معها ابتداء من تحديد الشروط فيمن يتم استقدامه وتحديد الأتعاب وانتهاء بوصول المستقدم واستلامه من قبل كفيله وبهذا يتم ضمان حق طرفي العقد: المواطن والمكتب. وبما ان مكاتب الاستقدام الأهلية في المملكة هي مؤسسات وطنية تحمل تراخيص بناء على قرار مجلس الوزراء الموقر، ولها نظام وتنظيم خاص بها ونظامها تحت اهتمام الجهات الرسمية في المملكة. ورغم كل هذا ظهرت بعض الاقتراحات أو الدراسات تجاه هذا السوق التي أبدت وزارة العمل استحسانها ووعدت بدراسة بعضها والبعض الآخر ما زال التطرق به وتناوله بين الفترة والأخرى، فبالنظر إلى موضوع سابق طرح عن قيام شركة استقدام وطنية تتولى تنظيم شؤون الاستقدام يندرج تحت لوائها أو مظلتها جميع مكاتب الاستقدام الأهلية العاملة في المملكة وهذا القرار تم رفضه من قبل أغلب أصحاب المكاتب لأنه غير شرعي ونقول: إنه لا شك ان البعض تسيل لعابه عندما يطالب بهذه الشركة التي تقودنا في بداية الأمر إلى عصر الاحتكار وليس نهايته فالرغبة مبيتة، فرغم المطالبة بسوق مفتوح دون قيود واحلال المنافسة والبقاء للأفضل في سوق قوي يقف على أرضية صلبة ينتظر الدعم والمساندة في وقت تعصف به بعض القرارات السلبية أحياناً ومنها التفكير بهذه الشركة فمكاتب الاستقدام تقدم خدمة للمواطن وتتنافس فيما بينها لتقديم أفضل وأيسر الخدمات بمدة أقصر وأقل حسب اجتهادها وليست جميع هذه المكاتب سواسية فيما تقدم من خدمات فهل تندمج كلها تحت سقف واحد فأين التقييم؟ وما هو سجل هذا المكتب في أمور الاستقدام؟ وكيف هو تعامله مع عملائه من المواطنين لتقديم الخدمة التي يرغبها بدقة رغم المشاكل التي تطرأ أحياناً على مشكلة الاستقدام الأزلية وهي التأخير في وصول العمالة من بلدانها كفرض بعد الإجراءات الجديدة أو طلب أوراق خاصة بالعامل أو العاملة من قرى نائية وبعيدة جداً عن العاصمة، إجراءات الحجوزات للسفر ومصادفتها وقت الذروة كشهر رمضان أو الحج ومواسم الصيف. كذلك ورد خبر عن ان الوزارة الموقرة تفكر بدراسة عرض تقدمت به إحدى شركات التأمين الوطنية بلائحة تأمين على العمالة الهاربة من أصحاب العمل. والعرض الذي تقدمت به هذه الشركة والنسبة التي سوف تتحملها المكاتب والمواطن. فالمواطن المسكين سوف يدفع مبلغاً مالياً قدره ستمائة (600) ريال كرسم سنوي على كل عاملة منزلية وعلى كل سائق منزلي يدفعها هذا المواطن لصالح من؟! لصالح شركات التأمين ومن ثم فشركة التأمين سوف تتكفل بما نسبته 60% من التعويض في حال هروب العامل أو العاملة المنزلية وان الباقي سوف تتحمله مكاتب الاستقدام وقبل كل هذا وذاك لا شك ان الوزارة من هذا الطرح تتهرب من المسؤولية الملقاة على عاتقها لأنها ألقت بمسؤولية الهروب على الكفيل؟! وتدعم شركة التأمين على حساب المواطن. ونريد من الوزارة ان تقف ضد ظاهرة الهروب التي يرجع سببها إلى الثغرات التنظيمية الكبيرة وغياب الرقابة وتفشي سلبيات كثيرة لا يعلمها أحد إلاّ الوزارة نفسها؟! هذه الظاهرة التي تعتبر هي أم المشاكل في مجال الاستقدام والمشكلة الأكبر التي تقلق الأسر السعودية وكذلك إدارة الجوازات ومكاتب الاستقدام ومكتب شؤون الخادمات لما يسببه هذا الهروب من خسائر مادية ضحيتها في المقام الأول الأسر، فالأسرة قد تفقدت عشرات الآلاف جراء هذه المشكلة المتكررة. فحل هذه الظاهرة ان كانت الوزارة تريد حلها فعلياً والقضاء عليها فيمكن في معاقبة عقوبة صارمة كل من يشغل هؤلاء الهاربين كذلك تطبيق نظام البصمة على العمالة يمكن ان يحل جزءاً كبيراً من هذا الموضوع وتطبيق بعض الإجراءات الجزائية الرادعة لو تم الاخلال بالعقد يتم محاسبته فوراً فلماذا ننتظر هروبه ونبحث عنه. ومن جانب آخر، ذكرت الوزارة انها مددت فترة التجربة للعمالة المنزلية إلى ستة أشهر بدلاً من ثلاثة وبنظرة فاحصة على هذا القرار الذي تم من طرف واحد هو الوزارة وفيه تهميش كبير جداً لمكاتب الاستقدام كافة يحق لنا ان نتساءل هل أعطت الوزارة للقرار مجالاً واسعاً من النقاش قبل اقراره لمعرفة سلبياته وايجابياته قد يكون في نظر الوزارة ان هذا القرار سوف يحد من ظاهرة الهروب أو الرغبة في القضاء على ظاهرة التستر أو مافيا تجارة التأجير المؤقت التي تدر مبالغ طائلة على أصحابها خصوصاً في أوقات الذروة والمناسبات. أو الرغبة في اختبار مدى أحقية وجدية العمالة في العمل الموكل لها. نقول ان زيادة المدة سوف تزيد من الطين بلة فمن هرب بعد الثلاثة أشهر حينها سوف يؤجل هروبه إلى ما بعد ستة أشهر حتى يحصل على رخصة الإقامة ويهرب. وحيث ان هذا القرار متسرع وان كان قد افرح المواطن الواعي الذي يريد عاملة مدربة تعنى وتقوم بكل ما يوكل لها من أعمال منزلية بدقة وحرص واخلاص وتفانٍ تأخذ أجره في نهاية كل شهر ويحيط بها بيئة معيشية مناسبة من مسكن ومشرب، ولكن ماذا لو اخلت بأحد شروط التعاقد وحصل منها بعض التجاوزات سوف تهرب. سلبيات كثيرة لهذا القرار منها عدم تقبل الطرف الآخر طول فترة التجربة ولو تقبلها سوف يضطر لرفع الرسوم على المكاتب السعودية وسوف تتضرر هذه المكاتب بالزيادة بدورها ولكنها لا تريد رفع الرسوم على المواطن وعلى الوزارة ان لا تجبر المكاتب على شيء خارج عن ارادتها. كذلك من المعلوم ان قطاع الاستقدام قطاع خدمي يتم فيه التعامل بين البشر فيمكن ان احد الضعفاء طوّل فترة التجربة لممارسة ضغوط على العمالة المنزلية من حيث القابلية للعمل والتي هي بدورها يمكن أن تنفر وتتضجر فاما ان تهرب او تفتعل المشاكل كرد فعل متوقع. الرغبة في تمديد فترة التجربة هي من حق المواطن وهو الذي لو رغب ان يطلبها فلو طلبها اكثر من 3اشهر الى فترة تصل الى 6اشهر لتجربتها فيجب ان تكون حقاً من حقوقه، وما يترتب من اشياء على ذلك يجب ان تعالجه الوزارة وليس الزام المكاتب بذلك وتعريضها للخسائر المادية الجسيمة. ايضا ان تمديد فترة التجربة من قبل الوزارة يتعارض مع عقود الاستقدام ومدتها المقررة في العقود ثلاثة اشهر فقط، القرار لا شك انه يخالف الاتفاقيات التي ابرمتها وتبرمها مكاتب الاستقدام مع المكاتب الأجنبية كمانص على ذلك عقد الارتباط الموحد.وباعتقادي فرض القرار على المكاتب الخارجية (الأجنبية) هو الاصلح حتى تتحسن الخدمة المقدمة كالتدريب والحرص على العمل واختيار من يصلح للعمل بدلا من فرضه على مكاتب الاستقدام المحلية التي تقوم بدور الوساطة في عملية الاستقدام كنوع من الخدمة للوطن وللمواطن. كذلك يحصل احيانا بعض الامور التي تعكر جو الاستقدام وتصيب المكاتب والمواطنين باحباط وفي الوقت الذي تكون فيه عملية الاستقدام تسير بشكل سلس وطبيعي يحدث بعض الاستغلال للسوق السعودي فمثلا تتخذ بعض الدول وخصوصا المسيطرة على هذا السوق بعض القرارات منها زيادات في المرتبات او فرض رسوم على عمالتها المغادرة من بلدها وهذا بدوره ينعكس على البلد المستقدم اقتصاديا فاذا قدرنا ان المملكة تحتضن الانعمالة من عدة بلدان تصرف عليهم اكثر من 38مليار ريال سنويا نعم هناك زيادة في الرسوم كيفما اتفق ولكن ايضا هناك امور لا يجب اغفالها فيجب عدم تأخير العرض والطلب وخصوصا للعمالة المنزلية بين البلدين لانها تمس ظروف وحياة المواطن وكذلك تفعيل المعاهد الحكومية الاندونيسية المتخصصة لهذه العمالة وزيادة فلترة التدريب لتقييم مدى تأهيل الخادمات للعمل بالمملكة وفق خصوصية الاسرة السعودية وادراكها للأنظمة واللوائح في المملكة، كذلك دخول السفارة الاندونيسية على الخط والطلب من بعض المكاتب السعودية بحل مشاكل العاملة المنزلية مع الكفيل لانه لم يسدد لها راتبها وضرورة حل لهذه المشكلة خلال 10ايام او سوف يتم ايقاف التصديق على العقود الجديدة لهذه المكاتب في حالة عدم حلها وبالفعل تم ايقاف التصديق عن بعض المكاتب السعودية والقرار ساري المفعول الى الآن، والسؤال هو: ماهو الذنب الذي اقترفه المكتب السعودي وماهي حدود تدخله لدى الكفيل الذي لم يسدد راتب هذه المسكينة؟ هل المكتب السعودي يلزمه بالسداد بالقوة اعتقد ان السفارة الاندونيسية تعرف ان العقد الموحد بين المكاتب لا ينص على أن المكاتب تتحمل رواتب هذه العاملة لو رفض كفيلها السداد؟ كذلك هناك جهات مختصة تأخذ لكل ذي حق حقه ولا تفرق بين ابناء بلد وآخر، وهناك مكاتب قفلت ابوابها بسبب ايقاف عملية التصديق للتأشيرة الجديدة فنحن نطالب قبل ان نكون ضحية كمن سبقنا بتدخل الجهات المختصة لمعالجة هذه النقطة بالذات. عموما يتميزسوق الاستقدام بالمملكة بعدة خصائص في مجال العمالة المنزلية حيث يعتبر من اكبر الاسواق التي تستقدم سنويا ما يزيد عن 200ألف من العمالة المنزلية، كما لدى السوق السعودية القدرة على تجنب المخاطر بالمنطقة والتي اكسبت السوق القدرة على الاستقرار والتكيف مع الأوضاع السياسية في المنطقة، بالاضافة الى مكانة الاقتصاد السعودي الذي يشكل حجم الناتج المحلي الإجمالي بحوالي 660مليار ريال سنوياً وهو يمثل اكبر اقتصاديات الوطن العربي وكذلك منطقة الشرق الاوسط الامر الذي انعكس على مستوى معيشة الفرد واعتماد الاسرة السعودية على استقدام العمالة المنزلية في القيام بهذه الأعمال. ولعل كبر حجم السوق السعودي في مجال الاستقدام للعمالة المنزلية شجع كثيرا من الدول الى المحاولة الى استقطاع حصة كبيرة في هذا السوق عبر رفع الاسعار من أجل تحقيق الفائدة الاقتصادية من تصدير هذه العمالة الى المملكة. واخيرا نحن بدورنا نشيد ونقدر جهود اللجنة الوطنية للاستقدام ممثلة برئيس اللجنة الاستاذ سعد البداح هذه الجهود الملموسة ورفضها زيادة مبلغ ال 800ريال للعاملة الاندونيسية وكذلك رفض تمديد فترة التجربة من 3اشهر الى 6اشهر قبل تطبيق بعض القرارات الالزامية على بلد المصدر ولا شك بان هذه الوقفات مع المكاتب الاهلية تسجل لصالح هذه اللجنة التي تطبق مقولة "لا ضرر ولا ضرار". والله من وراء القصد @ مدير عام مكتب أعمال المسيرة للاستقدام