أخيراً.. وقفت السيدة فيروز على خشبة المسرح في العاصمة السورية دمشق -ليلة أول أمس- لتؤدي دور البطولة في مسرحية (صح النوم)، ولتشدو بصوتها أعذب وأجمل الأغاني في الليلة الموعودة التي انتظرها أهل دمشق وعشاق فيروز في كل أنحاء سوريا والوطن العربي بفارغ الصبر، والذين تسابقوا وتدافعوا في الأيام القليلة الماضية التي سبقت عرض المسرحية أمام شبابيك التذاكر في قاعة دار الأوبرا عساهم أن يظفروا بتذكرة تخولهم لحضور العرض الافتتاحي. التذاكر كانت أسعارها مرتفعة نسبياً (تراوحت بين 40إلى 120دولار!)، ولكن هذا الشيء لم يمنع عشاق جارة القمر من الحضور ومشاهدتها وهي تقوم بدور الفتاة الريفية البريئة "قرنفل" التي تقف في وجه الوالي الغارق في نومه والبعيد عن هموم شعبه الفقير لتوجه له رسالة ساخرة، عندما يصحو ويجد شعبه جائعاً وغاضباً، وتقول له: "صح النوم"!. "صح النوم" يجوز قولها أيضاً للبنانيين الذين ثاروا فجأة وارتعدوا ودبّت فيهم روح الوطنية فور سماعهم بقبول السيدة فيروز للدعوة التي قدمها القائمون على الأنشطة الثقافية في دمشق بمناسبة اختيارها عاصمة الثقافة العربية هذا العام لتشارك وتعرض مسرحيتها "صح النوم"، التي سبق أن عرضت في دمشق في عام 1971، وستستمر العروض ستة أيام متواصلة من 28يناير وحتى 2فبراير. اللبنانيون منقسمون في كل شيء، ولم يبق إلا فيروز لينقسموا حولها، والتي كانت في الأمس القريب رمزاً لوحدتهم وأمست فجأة مرمىً لسهامهم وجمراً لنار غضبهم!! غريب أمرهم، وغريب أمر الإعلام اللبناني برمته الذي كان يغيّب فيروز ويساهم في ذلك (ربما من دون قصد) بنفس الوتيرة التي يشجع فيها الفن الهابط والرخيص ومشاهدة كل أصناف الغناء والبرامج المبتذلة من "أكاديميات الفشل" وصولاً إلى "هز النواعم"!. فيروز ودمشق حكاية غرام وعشق قديم، يتجدد مع كل صباح، في التلفزيون والإذاعات السورية على حد سواء، تجد صوت فيروز يتسلل من نوافذ البيوت وفي المقاهي وعلى الطرقات، حتى يخيل لك أنها "سورية"! غنت لدمشق الحضارة والتاريخ كما غنت للبنان وفلسطين. فيروز.. سيدة تحتل في ذاكرة كل عربي مكانة هي كالنبع تفيض احتراماً ومحبة. وسيدة لا تساوم في فنها أو مواقفها الوطنية والاجتماعية. وهي في دمشق كما في أي مكان آخر في الشرق أو الغرب دائمة العطاء، فهل أعطيناها ما تستحق؟!.