آثارت دراسة إكلينيكية جديدة أجريت على مدى سنتين على عقار متداول بكثرة يستعمل لتخفيض الكوليسترول في الدم تساؤلات عن فعالية هذا العقار ومسلك الشركتين الصيدلانيتين الاميركيتين اللتين قامتا بالدراسة لناحية التأخر لأكثر من سنة قبل إعلان نتائجها. كما أعرب عدد من أطباء القلب البارزين في الولاياتالمتحدة عن صدمتهم للنتائج المخيبة لتأثير هذه العقار على الكوليسترول وبالتالي على معالجة امراض القلب بصورة عامة. وقالت شركتا الدواء اللتان تنتجان العقار وهو "زيتيا" Zetia والكبسولة التي تحتويه، وهي "فايتورين" Vytorin، وهما شركتا "ميرك" و"شيرينغ بلاو"، ان عقار زيتيا قد أخفق في افادة المرضى الذين تناولوه في الدراسة على مدى سنتين كاملتين. جدير بالذكر ان الدراسة كانت قد انتهت في ابريل من العام 2006، ولكن الاعلان عنها لم يتم الا يوم الاثنين الماضي، وهو ما دعا الاطباء حول العالم في تلك الفترة الى الإكثار من التساؤل عما ستظهره الدراسة كما جعل المرضى يواصلون استعماله على مدى الفترة الماضية، اي منذ أبريل 2006، وحتى الآن دون معرفة نتائج الدراسة السلبية. جدير بالذكر ان مقالة في احدى المجلات الاميركية المتخصصة وتحقيق تجريه لجنة في الكونغرس الاميركي بشأن هذه الدراسة واسباب تأخر الشركتين الدوائيتين الاميركيتين اللتين اجرتاها عن اصدار نتائجها، هما اللتان اضطرتا على ما يبدو الشركتين الاميركيتين الى الاعلان عن تلك النتائج مطلع الاسبوع الماضي. وكشفت الشركتان في بيان اصدرتاه الاثنين ان عقار زيتا لم يخفق فقط في وقف تكلس الدهون في الشرانيين كما كان يفترض ان تثبت الدراسة، بل انه يبدو أنه حتى ساعد في تشكل هذه الدهون - مع ان هذا التشكل كان بنسبة ضئيلة جدا، حسب اعلان الشركتين الاميركيتين. ورغم انه لم يتسن الحصول على ردود فعل ملايين المرضى الذين يتعاطون هذين العقارين لتخفيض الكوليسترول لديهم ومكافحة امكانية التعرض للأزمات القلبية، فإن سوق الأسهم وأطباء القلب لم ينتظروا طويلا للرد على نتائج الدراسة المذهلة. فقد رد أطباء القلب على هذا الكشف بتصريحات نمت عن الذهول وخيبة الأمل الشديدة. وقال الدكتور ستيفن نيسان، رئيس قسم طب القلب بعيادة "كليفلاند كلينيك" لأمراض القلب المشهورة في ولاية أوهايو الاميركية بوصفه هذه النتائج بأنها كانت "صاعقة". وقال الدكتور نيسان، وهو باحث مرموق واسع الابحاث في ابحاث امراض القلب وعلاجاتها ومستشار تحرير لمجلة الكلية الاميركية لأمراض القلب، ان "هذه النتيجة هي نتيجة سيئة لهذا العقار الى ابعد حد كان يخشى منه". واوضح ان ما يعنيه هذا الكشف هو أن ملايين الاشخاص حول العالم الذين يتناولون هذا العقار انما يتناولونه مع أنه لا يعود بالنفع عليهم، وهو ما يرفع مخاطر تعرضهم لأزمات قلبية ويعرضهم لأعراض جانبية محتملة جراء ذلك. وقال انه لا ينبغي على الاطباء من الآن وصاعدا توصيف عقار زيتيا لمرضى القلب او من يعانون من الكوليسترول الا بعد ان تكون كل العلاجات الأخرى قد فشلت معهم كليا. وكذلك سارعت اسواق المال والأسهم الى الرد بطريقتها الخاصة على نتيجة ما هذه الدراسة. فقد انخفضت فورا اسعار اسهم الشركتين الاميركيتين، وهو ما يسر تأخر كشف الشركتين عن نتائج دراستهما السيئة بالنسبة لعقارهما. يذكر ان الشركتين باعتا ما مجموعه خمسة باليين دولار من هذا العقار في العام 2007وحدة!! فقد انخفض سعر شركة شيرنغ بنسبة 8بالمئة فورا، في حين انخفض سعر شركة ميرك ب 1.3بالمئة. وقال بيان باسم لجنة الطاقة والتجارة في مجلس النواب الاميركي الاثنين بعد صدور بيان الشركتين ان "النتائج السلبية للعقار اضافت الى الشكوك أن الشركتين أخرتا إعلان نتائج دراستهما بصورة متعمدة". ولكن الناطق باسم شركة "شيرنغ" رد بأن تأخير اصدار نتائج الدراسة "لم يكن ذا علاقة بالنتائج السلبية للعقار"، مدعيا أن الشركة لم تكن تعرف النتائج السلبية للدراسة الا قبل اسبوعين. وقالت صحيفة نيويورك تايمز ان الطيب جون كاستيلين، وهو طيب القلب الهولندي الذي اجرى الدراسة لحساب شركتين شيرنغ وبلاو، لم يعاود الاتصال بالصحيفة كما لم يرد على رسالة بريد الكترونية وجهتا اليه طالبة تعليقه على نتائج الدراسة. وتقول شركة شيرنغ ان الطبيب كاستيلين لن يعلق على الدراسة الى ان يقدم نتائج بحثه كاملة امام مؤتمر لأطباء القلب من المقرر عقده في مارس القادم. جدير بالذكر ان ما يزيد على مليون وصفة طبية باستعمال عقاري زيتيا وفايتورين تكتب اسبوعيا في العالم، كما ان خمسة ملايين شخص في العالم يتعاطونهما بصورة منتظمة. ويذكر ايضا عن عقاري "زوكور" وليبيتور Zocor وLipitor معروفان بأنهما يساعدان في تخفيض الكوليسترول بنسبة ما بين 35الى 60بالمئة في أغلبية المرضى الذين يتعاطونهما، كما ان التجارب أثبتت انهما يساعدان في تخفيض فرص الاصابة بالأزمات القلبية. ولكن عقار زيتيا، الذي يعمل بآلية مختلفة، كان يفترض انه يعمل على تخفيض الكوليسترول بنسبة 15الى 20بالمئة، ولكنه لم يثبت ابدا انه يساعد في وقف الاصابة بالأزمات القلبية. وكانت الدراسة المذكورة تستهدف الاثبات ان مزج عقاري زيتيا وزوكور في العقار فايتورين يساعد في تقليص التكلسات الدهنية في الشرايين اكثر من تأثير عقار زوكور لوحده. ولكن الدراسة أثبتت ان التكلسات الدهنية "زادت بسرعة مضاعفة تقريبا لدى المرضى الذين تناولوا المركب الدوائي على مدى سنتين في التجربة". ويذكر ان القضاء على التكلسات الدهنية في الشرايين هو امر حيوي لمنع الاصابة بالأزمات القلبية لأن هذه التكلسات هي التي تؤدي الى انسداد الشرايين والتجلطات في الدم التي تؤدي بدورها الى التعرض للأزمات القلبية.