الإنسان في كل وقت وكل مكان بحاجة إلى السلام.. المبادرات السلمية يجب أن تخضع للمعايير الإنسانية وليس للمصالح السياسية والاقتصادية، السلام احتياج إنساني أساسي لا يقبل التأجيل. فلسطين وهي القضية الأبرز في العصر الحديث تنتظر السلام منذ عقود، ينفتح ملفها في حالات طارئة مؤقتة، مؤتمرات وزيارات ومفاوضات تنتهي في طريق مسدود تعيد المأساة إلى وضع أكثر إيلاما. مواقع كثيرة في العالم تنتظر الأمن والسلام، حروب بين الدول وحروب أهلية يفشل العالم بكل منظماته وهيئاته وقوانينه في إحلال السلام فيها حتى مع صدور قرارات تحدد الأسباب وتشير للمتهم ثم تحال تلك القرارات إلى ملف التوثيق. ربما يكون أضخم ملف في هذا الشأن هو ملف فلسطين فهو يطرح على طاولة المفاوضات لزياده حجمه، وليس لتحقيق السلام المنتظر الذي يحقق العدالة. هكذا تكون نتيجة أسلوب اطفاء الحرائق، أسلوب يفض الاشتباك لكن لا يحل المشكلة، أسلوب يقدم المسكنات ولا يعالج المرض رغم وضوح حالة التشخيص. أسلوب ينشغل بالتفرعات ويتجاهل الأسباب الجوهرية ومعوقات السلام. السلام قيمة إنسانية، السلام هو الأمن والتنمية والحياة الكريمة للجميع، هو الثقة والاستقلال والتكامل والتعايش والعدالة والمساواة، السلام حق للجميع. قضايا عالقة مؤجلة يموت فيها الأبرياء ويتشرد الملايين تمر على طاولة الحوار لفترة محدودة تنتهي بتصريحات إنشائية أو تمر على المحاكم الدولية وتنتهي بقرارات تفتقر لآليات التنفيذ أبرزها وأكثرها تلك القرارات الصادرة من الأممالمتحدة بشأن فلسطين منذ بدء الاحتلال. مدة كانت كافية لتحقيق تقدم في طريق السلام، ما حدث هو العكس بسبب تعنت إسرائيل ورفضها لمبدأ السلام مدعومة بوساطات غير محايدة. بهذا الوضع لا يتأجل السلام فقط بل تكبر المأساة، يزداد عدد القتلى والمشردين، ويتكرر العجز الدولي عن تطبيق القوانين وإحلال السلام. السلام المؤجل في مواقع كثيرة وصف لواقع دولي يجيد لغة الكلام وإصدار قرارات الإدانة التي تأخذ طريقها إلى مراكز التوثيق وليس مراكز التنفيذ. مراكز التوثيق توسعت كي تستوعب الكم الهائل من قرارات الأممالمتحدة التي تدين إسرائيل، في مقابل ذلك كبر حجم سلة المهملات الإسرائيلية، وكثر المستغلين لقضية فلسطين لتحقيق مصالحهم الخاصة. السلام لا يتحقق بالتنديد والشجب والتمنيات والوساطات غير المحايدة. هذا الأسلوب يؤدي إلى سلام مؤجل رغم أنه لا يقبل التأجيل، هو يأس واستسلام لقانون الغاب. فرص السلام الضائعة أو المؤجلة لقضية فلسطين والقضايا الأخرى هي وصف لعالم يحتاج إلى الانتقال إلى مرحلة جديدة في الفكر السياسي، وتشكيل المنظمات الدولية ومراجعة مهامها وصلاحياتها، واحترام استقلال الدول وحريتها وثقافتها، واحترام حقوق الإنسان.