في مجال الفضاء تطل علينا هيئة الفضاء السعودية (Saudi Space Authority) والتي تلعب دورًا محوريًا في تعزيز الاقتصاد الوطني وتفتح آفاق جديدة للاستثمار في المجالات التكنولوجية، العسكرية، والتعليمية، من خلال الابتكار، التعاون الدولي، وتطوير البنية التحتية الفضائية، تُساهم الهيئة في تنويع مصادر الدخل الوطني وتحقيق أهداف رؤية 2030. وتعد هيئة الفضاء السعودية (Saudi Space Authority) واحدة من الهيئات الاستراتيجية التي أسستها المملكة لتحقيق رؤية 2030، فمنذ تأسيسها، أصبحت الهيئة عنصرًا أساسيًا في تعزيز الاقتصاد السعودي من خلال الابتكار، والتطوير التكنولوجي، والاستثمار في قطاع الفضاء. وتُعتبر الهيئة السعودية للفضاء من المبادرات الوطنية الطموحة التي أطلقتها المملكة في إطار سعيها نحو تعزيز مكانتها في مجالات التقنية والابتكار، ودعم مسار التحول نحو اقتصاد معرفي متنوع، وقد تأسست الهيئة في عام 2018 بموجب مرسوم ملكي، لتكون الجهة المسؤولة عن تنظيم وتطوير قطاع الفضاء، في انسجام تام مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 التي تسعى إلى تنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على النفط، من خلال بناء بنية تحتية قائمة على التكنولوجيا، وتحفيز الابتكار في المجالات المستقبلية. تعزيز الابتكار والتكنولوجيا المتقدمة بهدف تطوير تكنولوجيا الفضاء، من خلال تطوير الأقمار الصناعية والتقنيات المتعلقة بها، حيث يمكن للمملكة استغلال هذه الابتكارات في مجالات متعددة مثل الاتصالات، والمراقبة، والبيئة، وتحقيق التميز في التكنولوجيا: من خلال الاستثمار في صناعة الفضاء الذي يساعد المملكة في أن تكون من الدول الرائدة في التكنولوجيا المتقدمة والابتكار، مما ينعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد الوطني. تشجيع البحث والتطوير: ويأتي تشجيع البحث العلمي في مجال الفضاء ليعزز الابتكار ويخلق فرصًا لتطوير حلول تكنولوجية جديدة. تنويع الاقتصاد وتعتبر صناعة الفضاء أحد قطاعات الاقتصاد غير التقليدية التي تسهم في تنويع الاقتصاد السعودي بعيدًا عن النفط، وتوسع قطاع الفضاء يساهم في فتح آفاق جديدة للاستثمار، مما يعزز النمو الاقتصادي، ومع توسع قطاع الفضاء، تتوفر فرص عمل جديدة في المجالات التقنية، العلمية، والهندسية، بالإضافة إلى الصناعات المساندة مثل التصنيع والنقل. استثمار القطاعات ويمكن لقطاع الفضاء أن يدعم قطاعات أخرى مثل الزراعة، الطاقة، التعليم، والصحة من خلال تطبيقات التكنولوجيا الفضائية التي تساهم في تحسين الإنتاجية وجودة الحياة.، وتحفيز الاستثمار المحلي والدولي، وجذب الاستثمارات الأجنبية من خلال إنشاء بيئة مستقرة وواعدة في قطاع الفضاء، حيث تسعى الهيئة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة مثل شركات الفضاء العالمية مثل إيلون ماسك وبلو أوريجن والتي تتطلع إلى السوق السعودي كمركز محتمل للاستثمار في المشاريع الفضائية، وتعقد الهيئة شراكات مع منظمات دولية مثل وكالة الفضاء الأوروبية ووكالة ناسا، مما يسهم في تبادل المعرفة والخبرة ويجذب الاستثمارات في المشاريع المشتركة. تحفيز ريادة الأعمال من خلال دعم الشركات الناشئة في مجالات الفضاء والتكنولوجيا، تشجع الهيئة رواد الأعمال على إنشاء وتطوير شركات فضائية محلية. كما تعمل على تحقيق الأمن الوطني، من خلال تبني التطبيقات العسكرية والأمنية، والتي تقدم التقنيات الفضائية إمكانيات كبيرة في مجالات المراقبة، الأمن، والاتصالات العسكرية، ويمكن للهيئة أن تسهم في تعزيز الأمن الوطني من خلال تطوير واستخدام الأقمار الصناعية في مراقبة الحدود، والكوارث الطبيعية، ومراقبة الحركة الجوية. وتعزيز القدرات الدفاعية، من خلال استثمار المملكة في تكنولوجيا الفضاء، يمكنها تحقيق استقلالية في المجالات العسكرية والحفاظ على الأمن الوطني. برامج الفضاء بدعم الرؤية تدعم أهداف رؤية 2030، من خلال الاستثمار في تكنولوجيا الفضاء، حيث تساهم الهيئة في تحقيق أهداف رؤية 2030 التي تهدف إلى تحويل المملكة إلى قوة تكنولوجية وابتكارية، المساهمة في تحسين البنية التحتية الرقمية: تطوير البنية التحتية الفضائية في المملكة سيسهم في تحسين خدمات الإنترنت، وتقوية الاتصال، وتحقيق التطور في قطاعات مثل التعليم والصحة والاقتصاد الرقمي. ويعول على السياحة الفضائية في المستقبل، حيث سوف تساهم هيئة الفضاء السعودية في تحقيق تطوير السياحة الفضائية، إذا بدأت المملكة في تطوير قدرات سياحية فضائية، والتي قد تجذب السياح والمستثمرين الدوليين. والاستثمار في الفضاء كمجال سياحي، يمكن من تطوير البنية التحتية للأعمال التجارية حول السياحة الفضائية، بما في ذلك إقامة منشآت مخصصة لرحلات الفضاء في المملكة، وهو ما سيضيف بعدًا اقتصاديًا جديدًا. التعاون مع الدول الكبرى وتسعى الهيئة إلى التعاون مع دول كبرى مثل الولاياتالمتحدة وروسيا والصين في مجالات الفضاء، مما يعزز مكانة المملكة في الساحة العالمية ويوفر فرصًا للاستثمار، وتحقيق الاستفادة من المشاريع الدولية، من خلال المشاركة في مشاريع دولية مثل محطات الفضاء الدولية، والتي من خلالها يتمكن قطاع الفضاء السعودي من اكتساب الخبرات ونقل المعرفة إلى السوق المحلي. استخدام الفضاء لتحسين حياة الناس تحسين البنية التحتية: تقدم الأقمار الصناعية في الفضاء خدمات في مجالات مثل الاتصالات، الطقس، والملاحة، مما يساهم في تحسين جودة الحياة اليومية، فتطبيقات الفضاء في هذه المجالات لها آثار كبيرة على التجارة، النقل، والخدمات العامة. حيث يمكن للأقمار الصناعية أن توفر بيانات بيئية قيمة للمساعدة في التخطيط الحضري، الزراعة الذكية، وإدارة الموارد المائية، وهو ما يعزز من الجهود التنموية المستدامة في المملكة. وتلعب الهيئة دوراً في تحفيز التعليم والتدريب، من خلال تأهيل الكوادر الوطنية، كما تدعم الهيئة برامج تدريب وتعليم في مجالات الفضاء والعلوم والتكنولوجيا، مما يساهم في بناء قاعدة من الخبرات والمهارات التي تدعم القطاع في المستقبل، والعمل على دعم الجامعات السعودية، من خلال التعاون مع الجامعات والمؤسسات التعليمية، حيث تساهم الهيئة في تطوير برامج تعليمية في مجالات الفضاء، وبالتالي زيادة الوعي وتحفيز الشباب السعودي للعمل في هذا القطاع الواعد. حجم الاستثمار في قطاع الفضاء من جهته يقول أ.د. صلاح الفروان، أستاذ جامعي ومهتم بقضايا الاستدامة والتنمية المجتمعية، يُعد قطاع الفضاء من أكثر القطاعات الواعدة على المستوى العالمي، حيث تشير التقديرات إلى أن حجمه تجاوز 700 مليار دولار سنويًا، مع توقعات بأن يصل إلى تريليوني دولار بحلول عام 2035، وهو ما يعكس الإمكانات الاقتصادية الضخمة الكامنة فيه. وفي هذا السياق، أوضح أن الهيئة السعودية للفضاء تعمل على الاستفادة من هذه الفرص من خلال بناء بنية تحتية تقنية متقدمة، وتعزيز بيئة الاستثمار عبر جذب رؤوس الأموال المحلية والدولية، مع التركيز على دعم ريادة الأعمال وتوطين الصناعات الفضائية، وقد تجلّى ذلك في مجموعة من المبادرات النوعية، من أبرزها تحالف دعم ريادة الأعمال في قطاع الفضاء، الذي أُطلق لتمكين رواد الأعمال من النمو والمنافسة، بالإضافة إلى برنامج "Demo Day" الذي شهد تخريج شركات ناشئة من داخل المملكة وخارجها، ومنافسة SpaceUp التي استقطبت العديد من المشاريع المبتكرة في مجال الفضاء، ما يدل على التزام الهيئة بتحفيز الابتكار وتمكين الجيل الجديد من المبدعين. وأضاف أن أثر هذه الجهود لايتوقف عند حدود تطوير القطاع من الناحية التقنية أو الاستثمارية، بل يمتد ليشمل الأثر الاقتصادي المتوقع على الناتج المحلي، حيث تشير التقارير إلى أن كل ريال يُستثمر في قطاع الفضاء داخل المملكة يولد عائدًا بقيمة 1.81 ريال، وهو رقم مرشح للارتفاع مع نضوج القطاع وتحقيق المزيد من التوطين والنقل المعرفي، مقارنة بعوائد تصل إلى ما بين 7 إلى 20 ريالًا في الاقتصادات المتقدمة. وفي السياق نفسه، أضاف أ.د. الفروان، أن الهيئة تُولي أهمية قصوى لبناء القدرات البشرية، إدراكًا منها بأن الاستثمار في الإنسان يُشكل حجر الأساس لأي مشروع تنموي مستدام، وقد اتضح هذا التوجه من خلال إطلاق برامج تعليمية وتدريبية نوعية، مثل "برنامج ابتعاث الفضاء" الذي يهدف إلى إعداد نخبة من المتخصصين في علوم الفضاء والتقنيات المرتبطة بها، و"برنامج رواد الفضاء السعوديين" الذي يسعى إلى تجهيز كوادر وطنية للمشاركة في المهام الفضائية الدولية، كما ترتبط الهيئة بشراكات مع جامعات ومراكز أبحاث عالمية، وتعمل على تنظيم ورش تدريب ومسابقات علمية تفاعلية تستهدف طلاب التعليم العام والجامعي، مما يُسهم في بناء جيل متمكن من أدوات العصر الرقمي ومهيأ لقيادة اقتصاد قائم على المعرفة. التكامل بين التعليم والتقنية ولفت بأن هذا التكامل بين التعليم والتقنية والاقتصاد نموذجًا وطنيًا فريدًا يعكس رؤية القيادة -حفظها الله- في أن بناء اقتصاد الهيئة السعودية للفضاء: استثمار في المستقبل وتعزيز للاقتصاد الوطني ليكون قوي ومستدام، ولا يتحقق إلا من خلال الاستثمار الحقيقي في الإنسان، وتوفير بيئة تعليمية تحفّز الإبداع، وتربط مخرجات التعليم بحاجات السوق الوطني والدولي، ومن خلال هذا التوجه، تُخلق وظائف نوعية عالية المهارة، تُسهم في رفع الناتج المحلي، وتُعزز مكانة المملكة كشريك فاعل في الاقتصاد الفضائي العالمي. وفي ضوء هذه الجهود المتكاملة، أشار الفروان، بأن الهيئة السعودية للفضاء تُجسد ملامح مشروع تنموي شامل يجمع بين الرؤية الاقتصادية، والتوجه التقني، والسياسات التعليمية، نحو تحقيق مستقبل أكثر استدامة وابتكارًا، ومع تسارع المبادرات والمشاريع التي تقودها الهيئة، ويبدو مستقبل المملكة في قطاع الفضاء واعدًا، حيث يُنتظر أن تصبح المملكة مركزًا إقليميًا وعالميًا في علوم وتقنيات الفضاء، وأن تسهم بشكل ملموس في بناء اقتصاد معرفي تقوده الكفاءات الوطنية المؤهلة. رحلات الفضاء تستكشف حياة أفضل للبشرية