أثمرت زيارة سمو وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان إلى العاصمة الأميركية واشنطن عن ترتيب التحضيرات النهائية للزيارة المرتقبة للرئيس دونالد ترمب إلى الرياض، وفق ما كشفه مصدر مطلع لوكالة "رويترز". وقالت إليزابيث دينت، التي شغلت منصب مديرة سياسة الخليج والجزيرة العربية في الشرق الأوسط في مكتب وزير الدفاع الأميركي السابق، في حوار خاص ل«الرياض»: «إن زيارة سمو وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان ستقود إلى زيارة مميزة وتاريخية للرئيس دونالد ترمب إلى الرياض، ستكون مختلفة عن زيارة عام 2017، نظراً لتغير الظروف الإقليمية». وأضافت: "أعتقد أن الاقتصاد والاتفاق على الرغبة في إرساء السلام والاستقرار الإقليمي والعالمي يقربان وجهات النظر بين الرياضوواشنطن، ويساعدان الرياض على الاستفادة من مكانتها وعلاقتها المتميزة مع واشنطن لدعم المصالح السعودية والعربية، وخاصة في مناطق الصراع التي تعاني من أزمات كبرى مثل غزة ولبنان وسورية، التي بدأت للتو مرحلة جديدة مليئة بالتحديات". وأشارت في حوارها مع "الرياض" إلى إدراك إدارة ترمب عدم استعداد السعودية في المدى القريب لتقديم أي تنازلات في ملفات محورية مثل ملف "التطبيع مع إسرائيل"، حيث تنتظر السعودية خطوات إيجابية كبرى لصالح الشعب الفلسطيني قبل المضي قدماً بمثل هذه الخطوة بشكل يصب في صالح السعودية والدول العربية، إلا أن هذا الرفض السعودي لا يعني أن زيارة ترمب لن تأتي بخطوات جبارة لصالح المنطقة والبلدين. وفيما يلي نص الحوار: * كيف تقيمين نتائج زيارة وزير الخارجية إلى واشنطن؟ وما الجديد في هذا العهد الرئاسي الجديد لترمب على صعيد العلاقة السعودية - الأميركية؟ * من خلال زيارة وزير الخارجية السعودي إلى أميركا وترتيبات الزيارة، نعلم أن المستقبل القريب يحمل تفاهمات سعودية - أميركية كثيرة حول ملفات مهمة في المنطقة، مثل الملف الفلسطيني، وملف سورية، والاستقرار الإقليمي بعد التغيرات الكبيرة في اليمن ولبنان، بالإضافة إلى الملفات التقليدية المهمة التي تخص العلاقة السعودية - الأميركية. ننتظر زيارة متوقعة من قبل الرئيس ترمب إلى السعودية ستكون عميقة بأهميتها وأبعادها، فالسعودية ستكون للمرة الثانية الوجهة الأولى للرئيس ترمب في الشرق الأوسط. وأتوقع أن نشهد زيارة مختلفة عن زيارة عام 2017، فالظروف والمناخ الإقليمي تغيرا إلى حد كبير، وبالتالي تغيرت الأولويات والملفات المشتركة بين السعودية والولاياتالمتحدة واتسعت نطاقاً. ستكون هناك مهمة مشتركة للقيادتين السعودية - الأميركية، وهي تخفيف التوترات في المنطقة، وخاصة في غزة وسوريا ولبنان، والتفكير في مرحلة الاستقرار وما بعد اختلال توازن الإقليم، وهناك العديد من الملفات التي ستطلب واشنطن إشراك السعودية في البحث عن حلول لها. ملف غزة * فيما يخص غزة، هل تعتقدين أن ترمب سيلجأ إلى البحث عن حل مع المملكة العربية السعودية في وقت تتجمد فيه كل الحلول والرؤى الأخرى؟ * رأينا رؤى عربية مختلفة مطروحة من الشركاء العرب حول ملف غزة، حيث تقود مصر مبادرة، وهناك تقارير تشير إلى أن الإمارات تقود مبادرة أخرى، ولكن إدارة ترمب لم تقتنع بعد بأي من هذه الحلول لدعمها. الأمور تبدو ضبابية للغاية في ملف غزة، ولكن من المؤكد والواضح أن زيارة وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان إلى واشنطن، وزيارة ترمب إلى السعودية، ستؤسسان لاختراق مهم محتمل في ملف غزة. حتى اليوم، هناك خلافات. بالنسبة لترمب، من أولويات إدارته إرضاء الحكومة الإسرائيلية فيما يتعلق بالاتفاق حول غزة، ولكن في الوقت ذاته، تسعى إدارة ترمب لإرضاء الجانب العربي أيضاً، وخاصة السعودية، التي ترتبط معها الولاياتالمتحدة بالكثير من الملفات المهمة. لكن من ناحية أخرى، لا أعتقد أن السعودية مستعدة الآن للقبول بطموحات ترمب بعقد اتفاقية "تطبيع" بين إسرائيل والسعودية في المدى القصير، فالسعودية كانت واضحة بأنها لن تمضي في اتفاق "تطبيع" قبل وجود مسار نحو حل الدولتين. وبصراحة، حتى مع انتهاء وقف إطلاق النار في غزة، لا أرى سبيلاً سريعاً لذلك حالياً. ولو استمر وقف إطلاق النار، ربما كنا نتحدث الآن عن سيناريو مختلف، لكن يجب العودة إلى التهدئة والحل السياسي قبل التفكير في التطبيع. الاقتصاد والتعريفات الجمركية * اليوم، الجانبان السعودي والأميركي يهتمان بالبعد الاقتصادي ويركزان على تحسين الاقتصاد. كيف ستؤثر سياسة التعريفات الجمركية على العلاقة الاقتصادية بين البلدين؟ * الرسوم الجمركية التي طُبقت على المملكة العربية السعودية كانت بنسبة 10 %، وهي أدنى نسبة عالمية طبقتها إدارة ترمب على بلد في المنطقة والعالم، وهذا يعكس أهمية العلاقة بالنسبة لترمب. وأعتقد أن زيارة ترمب المرتقبة في مايو تشكل فرصة جيدة للسعودية لمناقشة أسباب هذه الرسوم وربما التوصل إلى صفقات اقتصادية تخدم مصالح البلدين على المدى البعيد. ترمب معروف بسياساته الاقتصادية القائمة على المعاملات، ونرى ذلك ينعكس في المنطقة. دول الخليج عموماً في وضع أفضل نسبياً، لكن قلقها الأساسي سيكون حول أسعار النفط، وما إذا كانت هذه "الحرب التجارية" غير الرسمية التي يقودها ترمب على دول أخرى حول العالم ستؤثر على الأسعار، وبالتالي على ميزانياتها واقتصاداتها. لذلك نعم، العامل الاقتصادي سيكون مهماً جداً في الزيارة المرتقبة، رغم انشغال البلدين بملفات جيوسياسية أخرى. باعتقادي، أن الواقع الاقتصادي العالمي والتحولات في المملكة العربية السعودية يدفعان العلاقة الأميركية - السعودية قدماً بشكل يجعل الرياض أكثر نفوذاً في واشنطن، ليس في العهود الجمهورية فقط، بل حتى في العهود الديمقراطية أيضاً. الدفاع * ماذا عن الملفات الأخرى والاتفاق الدفاعي مع السعودية؟ * بالتأكيد سيكون هذا الموضوع مطروحاً خلال زيارة ترمب للمنطقة. لدينا تقارير متضاربة حول محادثات بين الولاياتالمتحدة وإيران في عُمان يوم السبت، وقد يتغير المشهد الأمني الإقليمي بحلول منتصف مايو، وبالتالي أعتقد أن هذا سينعكس أيضاً على شكل المستقبل الدفاعي بين السعودية وواشنطن. لكنني أعتقد أن ترمب يتفهم أن دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، اختارت التهدئة والالتفات نحو الإعمار سعياً للأمن والاستقرار الاقتصادي. وسيكون توضيح هذا الأمر لترمب مهماً، لكنه بالطبع سيتطلع إلى تحسين شروط العلاقة الدفاعية بين البلدين. في نهاية المطاف، ترمب رجل براغماتي، ويتفق مع القيادة السعودية بأن السلام وتجنب الحروب، واللجوء إلى الخيارات الدبلوماسية، هو الحل الأمثل لمصالح أميركا وحلفائها. الملف السوري * ماذا عن الملف السوري والدور السعودي في إعادة دمج سورية في المجتمع الدولي؟ * أعتقد أن السعودية مهتمة بمساعدة سورية وأي دولة عربية لتكون جزءاً فاعلاً من المجتمع الدولي، وهذا هو الدور الذي لطالما لعبته السعودية عبر العقود، مستفيدة من علاقاتها المميزة مع الولاياتالمتحدة، وهي علاقة أفادت كل الدول العربية. ومن المؤكد أن هناك نقاشات تجري خلف الكواليس لرؤية السبيل إلى رفع العقوبات عن سورية وتحسين الأوضاع للشعب السوري. وأي حوار مفتوح هو أفضل من الباب المغلق. باعتقادي، أن الشعب السوري يعوّل كثيراً على السعودية وزيارة الرئيس ترمب للرياض لدفع الملف السوري قدماً. المملكة تنتظر خطوات إيجابية كبرى لصالح الشعب الفلسطيني زيارة الأمير فيصل بن فرحان إلى أميركا وترتيبات الزيارة