مع تولي يزيد بن معاوية الخلافة عام 60ه، دخلت مكة مرحلة جديدة من التغيرات السياسية والإدارية، حيث كانت الدولة الإسلامية تشهد اضطرابات داخلية، أثرت بشكل مباشر على الأوضاع في الحجاز. لم يكن حكم يزيد مستقراً كما كان الحال في عهد والده معاوية، إذ واجه معارضة من عدد من الصحابة والتابعين الذين رفضوا مبايعته، مما جعل مكة واحدة من أبرز بؤر التوتر في تلك الفترة. إدارة مكة في عهد يزيد بن معاوية سعى يزيد بن معاوية إلى تثبيت حكمه في مكة من خلال تعيين ولاة قادرين على إدارة شؤون المدينة في ظل الأوضاع السياسية المتوترة. كان عمر بن سعيد بن العاص المخزومي من أوائل الذين تولوا إمارة مكة في عهده، حيث تميز بإدارته الحازمة، لكن سرعان ما تعاقب على الحكم عدد من القادة، في محاولة لضبط الأوضاع وإدارة المدينة خلال هذه المرحلة الحساسة. رغم الجهود التي بُذلت لضمان استقرار مكة، إلا أن المعارضة لحكم يزيد جعلت السيطرة على المدينة أمراً معقداً. فقد كانت مكة أحد المراكز الرئيسة للمقاومة ضد الحكم الأموي، خاصة بعد أن برزت شخصيات دينية وسياسية رافضة لمبايعته، مما أدى إلى حالة من التوتر السياسي المستمر داخل المدينة. الصراع السياسي وتأثيره على مكة مع تصاعد المعارضة لحكم يزيد، شهدت مكة توتراً متزايداً بين أنصاره ومعارضيه، ما أدى إلى وقوع مواجهات سياسية أثرت على استقرارها. تفاقمت هذه التوترات مع ظهور عبدالله بن الزبير كأحد قادة المعارضة، حيث لجأ إلى مكة واتخذها قاعدة لحركته، مما جعل المدينة ساحة صراع بين أنصاره والقوات الأموية. بلغت حدة الصراع ذروتها عندما أرسل يزيد جيشًا لمحاصرة مكة، في محاولة لإخماد التمرد بقيادة ابن الزبير. وخلال ذلك، تعرضت المدينة لأضرار جسيمة، حيث احترق جزء من المسجد الحرام نتيجة الاشتباكات، وهو الحدث الذي ترك أثرًا عميقًا في تاريخ مكة خلال تلك الحقبة. وفاة يزيد وتأثيرها على مكة في عام 64 ه، توفي يزيد بن معاوية بشكل مفاجئ، مما أدى إلى فراغ سياسي كبير، انعكس مباشرة على مكة، حيث استمرت المواجهات بين الأمويين وعبدالله بن الزبير، الذي أعلن نفسه خليفة واتخذ مكة عاصمة لحكمه. دخلت المدينة بعد وفاة يزيد في مرحلة عدم استقرار إداري وسياسي، خاصة مع تزايد النزاعات بين الأمويين وابن الزبير، وهو ما جعل مكة تعيش في ظل حالة من الترقب الدائم للأحداث السياسية المتسارعة. رغم التحديات التي واجهها حكم يزيد، إلا أن مكة ظلت تحتل مكانة محورية في الصراعات السياسية، حيث أصبحت محورًا رئيسيًا للتغيرات التي شهدتها الدولة الإسلامية خلال تلك الفترة. وقد تركت هذه الأحداث أثرًا واضحًا على المدينة، التي ظلت لسنوات في قلب الصراعات بين السلطة الأموية والمعارضة، وهو ما انعكس على إدارتها واستقرارها في أواخر العهد الأموي. المصادر: * كتاب أمراء مكة عبر عصور الإسلام، مكتبة المعارف، عبدالفتاح رواه