الاحتفاء بيوم التأسيس عنوان للوفاء ببعض حقوق قياداتنا المباركة، من يوم التأسيس إلى يومنا هذا، فبفضل الله تعالى ثم بجهودهم كانت هذه الدولة واحة أمنٍ ورفعةٍ، فمن مقابلة الإحسان بالإحسان الحفاوة بهم، وبإنجازاتهم التي حققوها بشموخ لا يعرف الاستكانة، وطموح لا يلين للمصاعب.. إن من مظاهر القوة اعتزازَ الأمة بماضيها المجيد، ووعيَها بعمق وتجذُّر أساسِها التليد، واستذكارَها للمنعطفات المصيريّة التي مرَّ بها تاريخها، ومعرفتَها بالأيام الغراء التي وُضِعت فيها الأسس المتينة لمسيرتها، ودرايتَها بعظمائها الذين بذلوا الغالي والنفيس في سبيل إقامة الدولة، ولم يدخروا جهداً في ذبِّ الأخطار عنها، وتحدّي الصعوبات التي تواجه من تسمو نفسه إلى مثل ما سمت إليه أنفسهم، وقد قيض الله تعالى لدولتنا المباركة المملكة العربية السعودية مؤسِّساً عالي الهمّة، لا تلين عزائمه، ولا تنبو صوارمه، فأسَّس هذا الصرح المبارك غارساً لهذا الشعب العظيم غراسَ الظلِّ الذي يستحقُّه، وواضعاً لقطار نهضته على السكة التي سيبدع في الإسراع عليها، وتلك جهود تستحقُّ الإشادة، وأيام مباركة ينبغي أن نستذكرها؛ ولكي نقومَ بالواجب من شكر ذلك والاعتراف بالفضل لأهله جاء الأمر السامي بأن يكون يوم 22 فبراير من كل عام يوماً لذكرى تأسيس الدولة السعودية، على أن يُسمّى باسم يوم التأسيس، وذلك احتفاء بتأسيس هذه الدولة الميمونة في العام (1139ه) الموافق (1727م)، على يد الإمام محمد بن سعود رحمه الله تعالى وجزاه عنا خير الجزاء، ولي في الاحتفاء بيوم التأسيس الميمون وقفات: الأولى: هذا اليوم فرصةٌ لتجديد الحمد لله تعالى والشكر له على ما أنعم به علينا، من تأسيس هذه الدولة وما ترتَّب عليه من نهضتها وتقدمها، وما توفَّر لنا بفضل الله تعالى ثم بسبب هذا التأسيس من وحدة الكلمة، واستتباب الأمن، ورغد العيش، وخيبة أعدائنا وفشلهم في النيل من كرامتنا، رغم ما بذلوه من جهودٍ كبيرة ومتنوعة، وتذَكُّرُ مثلِ هذه النعمِ وحمدُ الله تعالى وشكره عليها من الفروض الواجبة المأمور بها، فقد قال تعالى: (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً)، وقال: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ)، كما أن الحمدَ على النعمة سبب لرضا الله تعالى عن عبده، فعنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله تعالى عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا» أخرجه مسلم، وإذا كان هذا في الأكلةِ والشربة، فما بالكم بالنعم الجزيلة التي توفرت في دولتنا المباركة والتي لا يسعنا حصرُها، وأيضاً: شكر الله تعالى على نعمته سببٌ لبقائها وزيادتها، قال بعض السلف: " إِذَا أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْكَ بِنِعْمَةٍ , فَأَحْبَبْتَ بَقَاءَهَا وَدَوَامَهَا، فَأَكْثِرْ مِنَ الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ عَلَيْهَا، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فِي كِتَابِهِ «لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ»"، وجدير بنا أن لا نقصِّرَ في واجب يرضي عنّا ربّنا، ويكون السبب في زيادة نعمته علينا. الثانية: في الاحتفاء بيوم التأسيس مزيد تعريف بمسيرة الدولة وبقيمة مقدَّراتها، وعظمةِ المنجزات التي تحققت لها على مدى تاريخها الممتدّ، من تأسيسها إلى أن ارتقتْ أوجَ القمة، ومن الأهميّة بمكان تربية الناشئة على هذه الحقائق؛ لترسخ في وجدانهم، ويزيد الوطن غلاء في نفوسهم، والكابوس الحقيقي الذي يقضّ مضاجعَ أعداء الوطن وحساده هو أن نَبقى واعين لرفعة قيمة الوطن، وما يعنيه من كرامة وعزة، وأن ينشأ أبناؤنا وبناتنا على إعزازه والحفاوة برموزه، والفرح بأيامه المهمة، والاعتزاز بقياداته العظيمة التي خدمته في الماضي وفي الحاضر، وأسهمت في ارتفاع شأنه، وإنما كان هذا كابوس الأعداء؛ لأنهم يدركون صعوبةَ أن يتخلّى الإنسان عن مزاياه والمواهب الممنوحة له إذا كان يُدرك قيمتها، ويعتزُّ بها، ويدركون سهولةَ أن يتخلص الإنسانُ مما لا يراه غالياً، وأن يبيعه بثمن بخسٍ، ولو كان الواقع أنه ثمين، فمن جهل شيئاً لم يقدره قدره، كما قيل في المثل: "اللي ما يعرف الصقر يشويه"، ودراية المواطن بمسيرة هذا الوطن وبراعة إنجازاته من أهم الحصون التي تقيه بإذن الله تعالى من كيد الأعداء والمتربصين. الثالثة: الاحتفاء بيوم التأسيس عنوان للوفاء ببعض حقوق قياداتنا المباركة، من يوم التأسيس إلى يومنا هذا، فبفضل الله تعالى ثم بجهودهم كانت هذه الدولة واحة أمنٍ ورفعةٍ، فمن مقابلة الإحسان بالإحسان الحفاوة بهم، وبإنجازاتهم التي حققوها بشموخ لا يعرف الاستكانة، وطموح لا يلين للمصاعب، ويستدعي منا الوفاء لمؤسسي هذه الدولة وقادتها أن نقف وراء قيادتنا الرشيدة صفّاً واحداً، لا يعرف الصدوع طريقاً إليه، بل هو كالبنيان المرصوص، وأن نسعد بما يرسمونه لمصلحة الوطن، وفي مقدمة ذلك رؤية سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان أيده الله تعالى (المملكة 2030)، فإذا كان يوم التأسيس غرساً لدوحة العزٍّ والكرامة، فهذه الرؤية أغلى ثمراته، ودليل ملموس على أن نخلة السعودية (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها).