اليوم الوطنيُّ مناسبة لاستذكار ضخامة الجهود التي بذلت؛ ليُبنى هذا الوطن، فعلى كلٍّ منا أن يعيَ أنه يعيش -بفضل الله تعالى- في حصنٍ منيع ذي ظلٍّ سابغٍ في عيشةٍ هنيئة، وأن هذا لم يحصلْ صُدفة بلا سبب، بل يسَّره الله تعالى بسعيٍ حثيث متنوِّعٍ، فهو ثمرةُ تضحياتٍ بُذلت فيها نفوسٌ كريمةٌ، وأثمان عظيمةٌ.. في تاريخ كل أمة عظيمةٍ أيام فاصلة، لها بين بقية الأيام مزية واضحة، يعبَق طِيبُ ذكرها كلّما ذُكرت، وتثير الأحداثُ التي وقعت فيها مشاعرَ الحماسةِ والاعتدادِ بالذات؛ وذلك بما شهدته من الإنجازات الحضارية للأمة، وما وقع فيها من قرارات كان لها الأثر الإيجابي الممتدُّ عبر الأزمان، ومن تلك الأيام بالنسبة إلينا اليوم الوطنيُّ لدولتنا المباركة المملكة العربية السعودية، وهو اليوم الأول من الميزان الموافق 23 سبتمبر (أيلول) من كل عام، وقد شهد مثل هذا اليوم من عام 1351ه / 1932م حدثاً استثنائيّاً، تمثّلَ في توحيد أقطار المملكة وتأسيسها المبارك على يدي جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رحمه الله-، وقد منَّ الله على هذا الوطن بهذه الخطوة المباركة، فلم يزل منذ ذلك اليوم يخطو إلى الإمام، ويجتاز العقباتِ واحدة تلو الأخرى، وذلك بفضل ونعمة من الله تعالى، ثم بجهود قادة الوطن، وينبغي أن نتخذ من الحفاوة بهذا اليوم مناسبةً لتجديد العزم على المحافظة على وطننا ومقدَّراته، وللإصرار على المضيِّ قدُماً في الدرب المبارك الذي شقّه مؤسِّس المملكة، وأن نستحضرَ أهمية الإنجازات التي تحققت لنا، وأن نتعاون على الارتقاء المستمرِّ، ولي مع الحفاوة باليوم الوطنيّ وقفات: الأولى: اليوم الوطنيُّ مناسبة لاستذكار هذه النعمة العظيمة، وأولى خطوات الحفاوة بهذه النعمة حمدُ واهبها سبحانه وتعالى وشكره، والاعتراف بأن النعمة منه، والثناء عليه بما أغدق منها، وفي هذا أداءٌ لبعض حقه علينا، ولا نحصي ثناءً عليه هو كما أثنى عليه، ثم نشكر من جرى على يديه غراسُ هذه النعمة وسقايتها بالجهود الطيبة، وهو الملك المؤسس -طيب الله ثراه-، كما نشكرُ القادة الذين قاموا على هذا الغِراس حتى بذَخَتْ دوحتُه، وطابت ثمرته، وآتى أكلَه وطناً آمناً مستقرّاً، وعلى وجه الخصوص نشكر ونثمّن ما نعيشه الآن في عهد خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله تعالى- من نقلة نوعيةٍ واضحة في تقدم الوطن والعناية بالمواطن، مما تحمله الرؤية النيّرة لوليِّ عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله تعالى-، وشكرُ هذه الجهود واجبٌ شرعي؛ فشكر من سعى في النعمة من تمام شكر الله تعالى كما دل عليه حديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ لاَ يَشْكُرُ النَّاسَ لاَ يَشْكُرُ اللَّهَ) أخرجه أبو داود وغيره، وصححه الألباني، قال بعض أهل العلم: (والمعنى من فاته شكرُ من جَرت النعمةُ على يده من الناسِ، فلم يأتِ بشكره تعالى على الوجه الذي أمر به، وذلك لأن المعْطِيَ حقيقةً هو الله؛ فهو المستحقُّ للشكر، وقد أمَرَ بشكرِ من جرتِ النعمةُ على يدهِ، فصار شكرُه من شكر الله تعالى، فمن تركَه وأخَلَّ به، فقد أخلَّ بشكرِ الله تعالى)، وصدق من قال: مَن لَا يُؤَدّي شُكر نعمَةِ خِلِّهِ... فَمتَى يُؤدّى شُكر نعمَةِ رَبِّهِ ثانياً: اليوم الوطنيُّ مناسبة لاستذكار ضخامة الجهود التي بذلت؛ ليُبنى هذا الوطن، فعلى كلٍّ منا أن يعيَ أنه يعيش -بفضل الله تعالى- في حصنٍ منيع ذي ظلٍّ سابغٍ في عيشةٍ هنيئة، وأن هذا لم يحصلْ صُدفة بلا سبب، بل يسَّره الله تعالى بسعيٍ حثيث متنوِّعٍ، فهو ثمرةُ تضحياتٍ بُذلت فيها نفوسٌ كريمةٌ، وأثمان عظيمةٌ، وتناوب على ذلك كبار الناس وعِلْيتُهم منذ تأسيس هذه المملكة منذ قرون، وواجهوا صعوباتٍ جمّةً يلين لأمثالها الحديد، لكن لم تكن عزماتهم لِتَلِينَ لها، فلم يزالوا في صمودهم حتى تكللت الجهود بتوحيد هذا الوطن على يد صقر الجزيرة الملك المؤسّس، ثم لم تزل الجهود متضافرةً بوتيرة متصاعدة ومتزايدةٍ إلى يومنا هذا، فمن تأمل هذه الجهود أيقنَ أن المحافظةَ على ثمراتها واجب لا يفرّط فيه العاقلُ، وأن الشرف والمجدَ وحسنَ السمعةِ في أن ينضمَّ إلى حماةِ هذا الوطن الغيورين عليه وعلى مقدَّراته، ويبذل في ذلك جهده حسب موقعه، وأن العارَ كلَّ العارِ أن يمكُرَ بوطنه الذي يتمنَّى ملايين الناسِ حول العالم الانتماءَ إليه لو خُيِّروا في ذلك. ثالثاً: حفاوة الشعب السعودي بيومه الوطنيِّ جمرة على أكباد الحاقدين، وصفعة على وجوه الماكرين، ودليل واضح على أن الشعب يدرك قيمة هذا الوطن الغالي، وبرهان على فشل من راهنَ على أن يزهّد المواطنَ السعوديَّ في هذه الرابطة المباركة، رابطةِ الوطنِ العظيم، ومعلوم أن أعداء الوطن، والعاقِّين الهاربين لهم رهانات كثيرةٌ ومتنوِّعةٌ، يجب على المواطن أن يسعى في إظهار إجهاضها، وتجديد ذلك كلما سنحت الفرصةُ له، وأهم الثغور التي تلزمنا المرابطة فيها: مكانة الوطن، وأهميته وإعلاء شأنه، وإظهار ما يعنيه لنا ولذرياتنا في المستقبل، وبتصميم الجميع على الذود عن الوطن في كل المجالات يرتدُّ طرْفُ الحاقد خاسئاً وهو حسير.