تُشكّل "الشعبنة" جزءاً من الموروث الاجتماعي في منطقة الحجاز التي تتمتع بمجموعة واسعة من العادات التي لا تزال باقية حتى اليوم، وهي عادة قيّمة تحمل نمط لثقافة تركها الماضي لتتفاعل معها الأجيال دون بحث في تفاصيلها، ولكن ثمة حقائق لم يحط بها الكثيرين حول "الشعبنة" والتسمية الحقيقية، ومتى وكيف ولماذا ظهرت في شهر شعبان تحديداً. وتحدث ل"الرياض" عدنان صعيدي -إعلامي- قائلاً: كانت حياة الأباء والأجداد بسيطة للغاية، تتسم بشظف العيش والكد والكدح سعياً من أجل الرزق، وفي شهر رمضان لم يكن يلتفت الناس للخروج للتنزه أو الاجتماع بسبب انشغالهم في الصيام والقيام، وكذلك في تدبير أمور معيشتهم، ومن هذا المنطلق ظهرت العادة الحجازية "الخرجة" التي يطلق عليها حالياً "الكشتة" وتكون في غير شهر رمضان، فالناس قديماً عندما يتحسن الطقس يتشاركون في تقاسم تكاليفها لشراء خروف وما يلزم للطبخ والشاي، ويخرجون إلى مكان خارج العمران. وأضاف: على سبيل المثال في منطقة مكة يتجهون إلى عرفة أو الحسينية التي لم يكن فيها مبان أو أثر للسكان، أو للهدا، أو الشفا، أو الغدير، والهدف هو الاجتماع قبل دخول الشهر الفضيل الذي ينشغل الناس فيه بالصيام وأداء العبادات، ولا وقت للاجتماعات. وأشار إلى أن "الخرجة" عبارة عن "غدوة" أو "غدوة" و"مبات"، بمعنى يتواجدون في النهار للغداء وينامون في ذات المكان لليوم التالي، وهم من يقوم بمهمة إعداد الطعام، مبيناً أنه في الظهر يتم إعداد "الكفتة" و"السلاتة" وبالليل طهي "السليق"، وقد يكون هناك بعض الفاكهة، لكن إجمالاً العنصر الأساسي للخرجة الأرز واللحم. وذكر أن "الخرجة" تشمل بعض الممارسات الترفيهية مثل لعب "البلوت" و"الضومنة" و"الكيرم"، وأداء بعض الفنون كالمزمار و"الصهبة"، ومعظم رفقاء الخرجة هم من كبار السن، وكان كثير من الشباب لا يستطيع تكلفة الخرجة، فيذهب مع أبيه للقيام بخدمة الجميع في إعداد الشاي والمساعدة في تجهيز الطعام، ومن يمتلك سيارة يتكفل بحمل الرفقاء إلى المكان المراد، أو يقومون باستئجار سيارة. وأكد على أنه مع مرور الزمن بدأت الناس تتوسع في "الخرجة" قبل دخول شهر رمضان، فتقيم يوم وليلة أو ليلتين حسب مقدرتهم، لافتاً إلى أنه لا يوجد شيء مخصص أو مرتبط ب"الخرجة"، وفي وقتنا الحالي تم استحداث أشياء الغرض منها استمرار هذه العادة، وهذه حقيقة ما يُعرف بالشعبنة. السليق الطائفي وجبة الخرجة