تسجل الليالي العشر الأخيرة من شعبان حضوراً لافتاً ونقاشات واسعة بين أهالي منطقة الحجاز، لإحياء إحدى هذه الليالي بما يسمى «الشعبنة»، التي يجتمع فيها الأقارب والأصدقاء لقضاء ليلة كاملة بقصد زيادة الارتباط الاجتماعي بين الأسرة والأقارب، وإدخال الفرح والسرور كلاً بحسب طقوسه وعاداته، وهو تقليد يقصد منه توديع شعبان لاستقبال رمضان. وتعرف الشعبنة بأنها عادة قديمة لدى أهالي الحجاز، وأخذت تسميتها من الشهر نفسه، وهي من العادات الحجازية التي ما زالت تقف أمام المتغيرات المجتمعية التي تتمحور على مر الأجيال، إلا أنها صمدت بثوابت المجتمع المكي خاصة والحجازي عامة، فاستمرت على مدى تعاقب الأعوام لدى الأسر الحجازية. وتحدث المسن عمر الجابر إلى «الحياة» حول عادة «الشعبنة» في المجتمع المديني، قائلاً «الشعبنة ظهرت في المدينةالمنورة منذ زمن آبائنا وأجدادنا، وهي عادة حميدة، إذ كنا في شهر شعبان نجتمع بصحبة الأقارب والأحباب في أطراف المدينة على وليمة أكل، ونتسامر ونتبادل الحديث، إضافة إلى طلب السماح من بعضنا ليدخل علينا رمضان بقلوب صافية، لانشغالنا عن بعضنا في رمضان بالصيام والعبادة». وبين الجابر أن الشباب في الوقت الحالي استغلوا هذه العادة بعكس ما كانت عليه، إذ أصبحوا يتجمعون تحت مسمى «الشعبنة»، ويحيونها بالمعازف والغناء والرقص، لافتاً إلى أن هذه الأفعال دخيلة على هذه العادة. من جهته، أوضح عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة في جامعة القصيم الدكتور خالد المصلح ل «الحياة» أنه يقصد ب «الشعبنة» الاجتماع بين العوائل، وتعتبر عادة وليست عبادة، وهي فرصة للاجتماع كنوع من نوع الوداع قبل دخول رمضان، مؤكداً عدم وجود حرج شرعي في تنفيذها، ما لم تصاحبها بعض المخالفات الشرعية. وتسبب حرص الشباب في الوقت الحالي على تنويع طقوس «الشعبنة»، وابتكار أفكار تنفيذها، إلى ارتفاع مبالغ فيه نوعاً ما في أسعار الاستراحات التي أصبحت ملاذ الشباب لتنفيذه طقوس الشعبنة فيها، إذ يؤكد الشاب حسن الأحمدي ازدياداً ملاحظاً في أسعار الاستراحات، نظراً للطلب المتزايد عليها من قبل الشباب، وبخاصة في الليالي العشر الأخيرة من شعبان. وأفاد الأحمدي بأن الفكرة هي عادة كان المراد منها تجمع العوائل في مكان واحد والتسامح والتصافي في ما بينهم، ليستقبلوا رمضان بقلوب صافية، بيد أن الوقت الحالي أصبح البعض يستغلها بطريقة خاطئة مخالفة لطبيعة الفكرة التي أنشئت سابقاً.