ربما واحدة من أحدث التصاميم العصرية اليوم قد تصبح تراثًا ثقافيًا في المستقبل، بعد مرور سنوات طويلة، هذه الفكرة العجيبة تجعلنا نتأمل كيف يتحول الجديد إلى تقليدي، وكيف تتغير علاقتنا بالأشياء مع مرور الزمن. تخيل مثلًا قبل زمن طويل كان أي تراث نحبه اليوم يمثل قمة الإبداع والحداثة، كان «تريند» وكان الناس يعشقونه لأنه جديد ومبتكر، أما اليوم، فهو شيء قديم تقليدي نحبه لسبب مختلف تمامًا: لأنه يحمل قيمة تاريخية وتراثية. لنأخذ على سبيل المثال «القط العسيري» بألوانه الزاهية، هل يمكنك تخيل كيف كان عندما ظهر لأول مرة كتصميم جديد يثير الإعجاب؟ ويتناقله الناس ويقلدون بعضهم فيه لأنه حينها كان «الهبة» أو الزخارف الإسلامية مثلًا، التي كانت في يوم من الأيام أشكالًا هندسية عصرية تُستخدم لتزيين المساجد، لأنها تمثل إبداعًا فنيًا وتجديدًا بصريًا... في زمنهم كانت الحداثة عنوان هذه التصاميم، واليوم هي جزء من هويتنا التراثية، تُعطينا إحساسًا بالقدم، ومع ذلك تحمل قيمة لا تُقدّر بثمن. هذه الدورة الزمنية هي ما يلهمني كمصمم اليوم، أن أبتكر شيئًا جديدًا أو حتى مستلهمًا من التراث القديم، وهذه بالنسبة لي الطريقة المثلى للجمع بين إحساس الماضي وأحاسيس الحاضر، والسبيل الأقرب الذي يجعلنا ربما نستعيد شغف الإبداع الذي شعروا به وقتها، ونضيف إليه إحساسنا الخاص اليوم. ربما تصميمك القادم سيكون جزءًا من هذا التغيير، ويصير يومًا تراثًا يروي قصة إبداع عصرنا، ليصبح تراث الغد. * فنان سعودي أحمد بن بوبح*