ارهاصات الحداثة، جلسة هادئة وحضور متواضع على الرغم من ضخامة هذا العنوان، سحمي الهاجري أحد رموز جماعة حوار بين في ورقته أن هذا العنوان عنوان عريض، في مرحلة من المراحل ارتبطت كلمة الحداثة في أذهان الكثير من عامة الناس وبعض خاصتهم في المملكة بالذات بالأدب والشعر منه على وجه التحديد وخصوصا ما سمي الشعر الحر، ثم النظريات النقدية، في حين أن الحداثة أساساً (إيديولوجيا شاملة) كما يقول فريدريك جيمسون. وحين نتكلم عن الحداثة في الأدب عموما ابداعاً ونقداً فإنما نتكلم عن جزء من كل هو الحداثة على المستوى الأوسع فلسفياً ومادياً، الذي يستوعب مفهوم التجديد والتحديث بجانب المفهوم النقدي والفكري. وفي كتاب حكاية الحداثة عرّف د. الغذامي الحداثة بأنها (التجديد الواعي)، ولا يمكن تجاهل التعريف الذي توصل اليه واحد من أشهر المهتمين بالحداثة أو المنخرطين في معاركها. أما عن الحداثة في الغرب فإنها ترسخت منذ زمن طويل قبل وصولها الينا، فهي منجز غربي على مستوى النظرية، أو على مستوى التطبيقات. وبطبيعة الحال فإن ارهاصاتها في المملكة كانت نوعا من التقليد في كليهما. من مفاهيم الحداثة مفهوم الدولة الوطنية بصفتها الوعاء الحاضن لديناميات الحداثة تمثلاً وانجازاً، حتى ولو لم يتم استيعابها نظرية وفكراً، وما دام ذلك كذلك فقد بدأت ارهاصات الحداثة إذن منذ نشوء الدولة الوطنية بل إن نشوءها في حد ذاته كان نوعا من الممارسة الحداثية. ومنذ البداية كان محمد حسن عواد في الموعد، فقد بنى كتاب خواطر مصرحة على قيم الحرية والعدالة والعلم والابداع والتقدم ومحاربة التخلف والبدع والخرافات. الحداثة والتراث وجها لوجه. يا لها من مصطلحات مصقولة بدأ كأن الجميع يتصارعون على شيء لا يدركون كامل أبعاده أو لا يريدون أن يدركوها. ثم التعامل مع كلمتي الحداثة والتراث بصفتهما رمزين لشيء في نفوس الفريقين أكثر من النظر إليهما بمنطق علمي تحليلي واع كمصطلحين فضفاضين. فريق رأى أن الحداثة من محدثات الأمور وتعامل معها باعتبارها نازلة من النوازل التي يجب أن تواجهها الأمة، وفريق رآها بمثابة البشارة المتنظرة. في سنة 1408ه اجتمع عدد من المثقفين السعوديين في أحد الفنادق الفخمة في الرياض على هامش مهرجان الجنادرية وكان جدول الأعمال يتكون من بند واحد وهو: البحث عن اسم آخر للحداثة. وكانت الأسماء المقترحة البديلة على النحو التالي: الشعر الحديث، الواقعية السحرية، التخييل، التخييلية. وبعد جدول طويل وأخذ ورد استقروا أخيرا على تسميتها (الواقعية التخييلية)، واتفقوا على ما نشر في ثلاث مطبوعات هي: جريدة الندوة، جريدة المدينة، ومجلة اقرأ على أن يصدر في يوم واحد في جميع المطبوعات. الذي حصل ان الاسم الجديد (الواقعية التخييلية) نشرت في جريدة المدينة ومجلة اقرأ في اليوم الموعود أما الندوة فقد خلعت الاتفاق. وخلص سحمي الى القول إننا في المملكة منخرطون في الحداثة على المستوى المادي شعرنا أو لم نشعر أما على المستوى الفكري فلا زلنا غير بعيد عن مرحلة الارهاصات حتى يوم الناس هذا. * هذه القراءة اتفق معها كثير من الحاضرين وان تجاوزها البعض في مداخلاته الى الحداثة نفسها. * تساؤل يطرحه د. كامل صالح، الكاتب بجريدة عكاظ - هل ما زلنا على هامش ارهاصات الحداثة، هل هي فكرية أم إدارية؟ ويقرر بأنها فكرية. السلفيون لم يقدسوا التراث ككل قدسوا جزءاً منه ورفضوا جزءاً آخر مثل أبونواس. أدونيس في كتاب الثابت المتحول حاول أن يربط الحداثة بالهامش من التراث. أصحاب السلطة كان لهم واقع في الحركة الحداثية كما فعل الخليفة العباسي الذي كان يطلب من الشعراء الواقفين على بابه أن يدخل عليه من يأتي بشيء جديد. * سهام القحطاني تتفق مع سحمي الهاجري في أن الأزمة أزمة مصطلح وتضيف أن الحداثة في الغرب ناتجة عن الحرب والتشاؤم. ولا ننكر جناية التقليد الأعمى لبعض الحداثيين. والحداثة عبارة عن بيئة حضارية لابد أن يصل اليها المجتمع. * مفاهيم الحداثة في رأي صبري رسول أنها انطلقت من المؤسسات التعليمية في الغرب، بينما لدينا انطلقت من خارج المؤسسات التعليمية، وتساءل أين رؤيتنا للحداثة؟!، والحداثة في المملكة لا يمكن الحديث عنها بمعزل عن الحداثة في المشرق فهي حركة عامة كما في الغرب عامة، الاسلام كان نوره حداثية على الجاهلية، وأكثر من تحدث عن الحداثة في العصر الحديث أدونيس. * سعاد عثمان في رأيها الوسطي هو أخذ ما يفيد من الحداثة وترك كل ما يتعارض مع الدين والعادات بعد ما وصلنا الى وعي كامل للحداثة وما لها وما عليها. * الأستاذ عائض القرني يرى أننا ما زلنا نحوم حول الحداثة وتمنى لو توقفنا أمام المصطلح والمفهوم. * دور نادي جدة الأدبي في هذا المجال أورده محمد علي قدسي أمين سر النادي حيث بين أن النادي كان ساحة لارهاصات الحداثة وما دار من صراع حولها، وان أشهر الأمسيات الشعرية والقصصية تسجل في تاريخه تسجل لهذا الصراع، وتسجل لما دار من ارهاصات من بدايات الحداثة. ويضيف أنه كان من الصعب أن يستوعب البعض المصطلحات المعقدة للحداثة وتحدث عن التعصب بين التيارين (الحداثيين والتقليديين) والاشكالية بين الطرفين هي اشكالية كيف يتم وجهات النظر بشأن الحداثة، إننا بحاجة لطرح سؤال مهم ألا نجد أننا مضطرين للتعامل مع إيديولوجيات الحداثة. تساؤل يطرحه علي المالكي: عن نوع العلاقة بين الحداثة والتنوير وهل هي علاقة مشابهة أم علاقة تكاملية؟. * الحداثة الآن بلغت أوجها بفضل وسائل الاتصالات الحديثة كما يرى د. حسن النعمي، ويرى أننا متأثرون بها ولا زلنا نقاوم شبح غير موجود.