الاختصار في الأقوال والاقتصار على الهدف وزبدة الموضوع وما يوصل المعنى دون إسهاب ولا إطناب، يعد من متطلبات البيان، ولا يستثنى من ذلك مثقف فصيح ولا عامي ولا لهجة ولا لغة، فالمتلقي في كثير من الأحيان يريد خلاصة الفكرة ويرغب في النتائج السريعة، وقل من يريد التفاصيل. لهذا جاءت في ثنايا الأحاديث والقصص عبارات موجزة توصل المعاني بأقل الكلمات والألفاظ، حفاظا على الوقت ورغبة في عدم الدخول في متاهات الملل وتشعب القول. والاختصار عادة يتطلب من الملقي والمتلقي الفطنة والانتباه وأيضا الإلمام بالمفردات والفهم للتلميحات والإشارات وأيضا حسن استخدامها وجعلها في مواضعها من حيث المناسبة، فما يصلح في حالة ومناسبة قد لا يصلح في حالة أخرى. ومثال على ذلك عندما يقال: «يا صبر الأرض»، فالمعنى ما أصبر تحملها لثقل ما فوقها رغم قوة بنيتها، لكن ثقل ما فوقها يدعونا لأن نقول ذلك. هذا الثقل بالطبع ليس جبالا ولا صخورا ولكنه في نظر القائل أثقل على القلوب من الصخور ومن قدرة تحمل الناس. ولا تقال هذه العبارة مجردة من سياق مناسب لها يبين المقصود منها، فهي غير مستقلة بالمعنى، فقد يراد منها مدحا وقد تقال تذمرا وقد تقال ذما.. الخ يقول الشاعر هزاع الغميسي: ذبحنا المجامل مع بعضنا للهن وهن ولو هن ما يسوى ملي قاعة الشنّة إليا جاك واحدهم إليا حمل نفسه طن وانا مفتكر كيف الاراضي يشيلنّه أشوف العجب جاله مع الناس بدع وفن عيوني يشوفنه واذاني يوحنّه وأشوف الردي له هقوةٍ فالطوال وظن واشوف السنافي بيض الايام خلنّه ويقول الشاعر: دسمان مناحي السبيعي: يا صبر الأرض إللي تضم الرجاجيل نمشي عليها والنشامى تحتها ياما غدا في بطنها من حلاحيل صحايفٍ شهب الليالي طوتها متى براس القرن ينفخ إسرافيل حتى مقابرهم تطير غبرتها يالله يامنشي صدوق المخاييل تحطهم من ضيقها في سعتها وأما الشاعر حميدان الشويعر فيقول حول معنى التكبر والذي يقارب المعنى: تلقى الجماعة من شجرة وحدة وطبوعهم مختلفة، الله قدرا ومن الجماعة، شايخ متشيخ وكل النوايب يتقي عنها ورى إلى مشى بالسوق إلاه ملوذع عن خاطر يقضب قطابه من درى ومن الجماعة: حامل متحمل ما فات يوم ما لضيف ما قرى ومن الجماعة كالضبيب المنتفخ متبختر يسحب ثويبه من ورا كن الضعيف شايل سبع الطبق هو ما درى انه خف ريش الحمرا.. دسمان السبيعي الشاعر هزاع الغميسي الشنّة من الجماعة كالضبيب المنتفخ