سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
وخلا الذباب بها فليس ببارحٍ *** غرداً كفعل الشارب المترنمِ (عنترة بن شداد)
ومن الجماعه كالضبيب المنتفخ *** متبختر يسحب ثويبه من ورا (حميدان الشويعر)
من بديع الوصف في الشعر الشعبي والفصيح
يرى كثير من النقاد أن الشعر كله يقوم على الوصف، فالغزل تفصيل لأوصاف الحبيب، وكذلك المدح والهجاء والرثاء والشكوى، والمعنى هنا أن الشعر يقوم على الصورة الفنية، والصورة هي قوام الوصف.. على أي حال الذي يعنينا في هذا المقال هو الوصف كغرض مستقل يعتمد على التشبيه والكناية والاستعارة، بمعنى أعم على الخيال الخلاَّق الذي هو روح الشعر وبدونه يظل نظماً ميتاً منطرحاً بلا روح.. يقول عنترة بن شداد في وصف (روضة غنّاء غِبّ المطر): «أو روضة أنفاً تضمن نبتها غيث قليل الدِّمن ليس بمعلم جادت عليها كل بكر حرة فتركن كل قرارة كالدرهم سحاً وتسكابا فكل عشية يجري عليها الماء لم يتصرم وخلا الذباب بها فليس ببارح غرداً كفعل الشارب المترنم» والبيت الأخير أجمل ما قيل في الذباب!.. وصف عنتر رائحة محبوبته وسروره لطلعتها بروضة لم تطأها قدم بشر، وجادتها سحابة بكر بأنواع المطر ففاحت روائحها الزكية وأشرقت مباهجها بالنضارة والإشراق. ويقول أبو نواس: «تأمل في رياض الأرض وانظر إلى آثار ما صنع المليك عيون من لجين شاخصات بأحداث هي الذهب السبيك على قضب الزبرجد شاهدات بأن الله ليس له شريك» سبحانه وتعالى * * * (وصف الحرب) ويقول زهير بن أبي سلمى في وصف الحرب: «وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم وما هو عنها بالحديث المرجم متى تبعثوها تبعثوها ذميمة وتضر إذا ضريتموها فتضرم فتعرككم عرك الرحى بثفالها وتلقح كشافاً ثم تنتج فتتئم فتنتج لكم غلمان أشام كلهم كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم» فقد شخص الحرب وجسدها بأبشع الصور، وهي فعلاً أبشع من ذلك.. (وصف حصان عربي) «وقد أغتدي والطير في وكناتها بمنجرد قيد الأوابد هيكل مكر مفر مقبل مدبر معاً كجلمود صخر حطه السيل من عل كميت يزل اللبد عن حال متنه كما زلت الصفواء بالمتنزل مسح إذا ما السابحات على الونى أثرن الغبار بالكديد المركل يزل الغلام الخف عن صهواته ويلوي بأثواب العنيف المثقل له أيطلا ظبي وساقا نعامة وإرخاء سرحان وتقيب تتفل كأن على المتنين منه إذا انتحى مداك عروس أو صلاته حنظل» (أمرؤ القس) (قيد الأوابد: مخيف الوحش، الصفواء: الصفاة الحجر الصلب، مسح: يجري كالماء السائح، أيطلا ظبي: خاصرتاه ضامرتان، تتفل: ولد الثعلب). (وصف الهجن) »فج المرافق كنهن الهراجيل لين المقاود ناحلات الخفاف من سبعة اعوام وهن كنس حيل ما لمسن عن سوج عوج الظلاف هجاهج يستتبعن المخاييل ودوارب في نشر طي الفيافي» لمحسن الهمزاني (فج المرافق: واسعة، الهراجيل: الضخمة، كنس: ضامرت، حيل: لم يحملن، سوج: جرح، أي ليس فيهن جروح بل سالمات نشيطات، المخاييل: آثار المطر ومعالمه). ولابن لعبون في وصف الهجن: «هن هجاهيج برى حالها الدوب من كثر ما راحن وما جن مناديب ينفي مناسمها الحصا تقل حالوب غادر شبوبه ساهرات النحاحيب» (الدوب: السير، حالوب: يقصد قطع البرد، ساهرات النحاحيب: سحاب الليل الممطر المحمل بالبرد). في البيت الأخير وصف تلك الهجن بأنها لنشاطها وسرعتها تطير الحصا من تحتها حتى كأن ذلك الحصا المتناثر البرد النازل من مطر قوي يصبه سحاب واصب. (وصف عائل مستكبر) «ومن الجماعة كالضبيب المنتفخ متبختر يسحب صوبه من ورا كن الضعيف شايل سبع الطبق هو ما درى أنه خف ريش الحمرا (حميدان الشويعر)