افتتح خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -أيّده الله- مشروع قطار الرياض يوم الأربعاء 25 جمادى الأولى 1446 الموافق 27 نوفمبر 2024، والذي يمثّل أحد المشروعات الكبرى التي تشهدها المملكة خلال عهد الملك سلمان الزاهر. هذا المشروع الجبار والضخم بكل ما تحمله الكلمة من معنى، يأتي ضمن مشروع الملك عبدالعزيز للنقل العام بمدينة الرياض، الذي يُعد إحدى الخطط الطموحة التي وضعتها الهيئة الملكية لمدينة الرياض لتوفير حلول متكاملة للنقل العام في العاصمة وتزويد سكان المدينة وزوراها بخدمات نقل عام مناسبة تلبي احتياجاتهم الحالية والمستقبلية. مشروع قطار الرياض، يهدف إلى بناء وتشغيل شبكة نقل عام بطاقة نظيفة وسريعة وفق أحدث التقنيات العالمية، مما سيوفر لسكان المدينة خيار لوسيلة تنقل نوعية، ستسهم بإذن الله من الحد من الاستخدام المفرط للمركبات الخاصة، وبالذات بمدينة الرياض التي 90 % من سكانها يستخدمون مركباتهم الخاصة للتنقل بداخل أرجاء المدينة. يُعول على المشروع أن يعزز من جودة الحياة بمدينة الرياض ومن قوة اقتصادها، خصوصاً باستحداثه لوظائف جديدة في الاقتصاد تقدر ب6500 وظيفة، إضافة إلى أنه سيكون داعماً لجهود المملكة المرتبطة بالمحافظة على البيئة من خلال التقليل من الانبعاثات. مشروع قطار الرياض، يُعد مشروعاً متكاملاً، بتوفيره لسكان مدينة الرياض، خدمة تنقّل سلسة وسهلة عبر شبكة تنقّل عملاقة تم تطويرها وفقاً لمعايير دقيقة تراعي عدة اعتبارات أهمها: الكثافة والتوزيع السكاني، وربط المواقع والوجهات الرئيسة بالعاصمة، مثل: مقار الوزارات والجامعات والمستشفيات والمجمعات التجارية ومراكز النقل والمرافق الحكومية، ومراعاة حجم الحركة المرورية المتوقعة وعدد الركاب، ومدة الرحلة على كل خط من خطوط شبكة النقل العام. شبكة قطار الرياض تشكل العمود الفقري لنظام النقل العام في مدينة الرياض، بطاقة استيعابية مبدئية تزيد على مليون راكب يومياً، وصولاً إلى ما يقارب 3.6 ملايين راكب يومياً. تجدر الإشارة إلى أن قطار الرياض يُعد الأطول على مستوى العالم، بطول إجمالي يبلغ 176 كيلومتراً، ويربط بين أجزاء الرياض عبر 6 مسارات مرتبطة ب85 محطة، منها أربع محطات رئيسة، والتي تعتبر من أهم عوامل نجاح نظام النقل العام في المدينة وعاملاً رئيساً لجذب الركاب، وذلك لوقوعها في مناطق عالية الكثافة وعند تقاطع مسارات القطار والحافلات. كما وتقدم المحطات الرئيسة خدمات ومرافق متنوعة مساندة لنظام النقل العام أهمها مواقف السيارات ومنافذ بيع التذاكر والمحال التجارية ومكاتب لخدمة العملاء، وتُعتبر أيضاً قيمة مضافة لمشروع النقل العام وعاملاً لتحسين البيئة العمرانية في المدينة إجمالاً، سيما وأنها قد صممت وفق نمط معماري متميز وموحد يجسد هوية مشروع النقل العام بمدينة الرياض، إضافة إلى أن جميعها مكيفة ومجهزة بكافة وسائل الراحة والسلامة للركاب، وتوفيرها لخدمة الإنترنت، ولأنظمة معلومات عن الرحلات، وتتضمن بعضها لمحلات تجارية ومواقف للسيارات. يُذكر أن المشروع يضم 190 قطاراً مؤتمتة بالكامل، صممت جميعها بشكل موحّد تمت تهيئتها لراحة الركاب وفقاً لمواصفات كفاءة الطاقة، كما أن جميعها موحدة من حيث التصميم، بينما تختلف ألوانها حسب ألوان المسارات التي تعمل عليها. يساند مشروع القطار (19) موقعاً لمواقف السيارات (Park & Ride) يتسع كل منها لما بين 400 – 600 سيارة، وذلك لتيسير استخدام شبكة القطارات، وقد تم توزيع المواقع على مستوى المدينة بشكل مناسب يسهل عملية الانتقال من وسائل النقل الخاصة إلى القطار. أخلص القول؛ إن مشروع قطار الرياض يرتكز على رؤية ثاقبة وطموحة في مجال النقل العام العصري والحضاري، يسهم في استدامة قطاع النقل العام، بتصاميم تحدث نقلة نوعية ترتقي بحلول التنقل في المدينة لآفاق غير مسبوقة. شبكة القطار ستسهم في خفض غازات الاحتباس الحراري الضارة والتخفيف بشكلٍ ملموس من ارتفاع درجات الحرارة في المدينة من خلال تقديم خيارات نقل تعزز من المساعي الرامية لتحسين جودة الحياة لسكان المدينة وزوارها وتهيئة بيئة صحية للجميع، كما ويُعول على الشبكة أن توفر خدمات نقل متكاملة تسهم في تخفيف الازدحام المروري وتعزيز استدامة المشهد الحضري. خير ما أختم به مقالي هذا، الإشارة بفخر واعتزاز إلى أن مشروع قطار الرياض هو نتجية ثمرة تنموية غرس نبتتها المباركة الملك سلمان -حفظه الله- عندما كان أميراً لمنطقة الرياض ورئيساً للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، والتي تحولت من فكرة واقتراح إلى واقع حقيقي وملموس، والتي كَشفت عنها وثيقة يعود عمرها إلى 16 عاماً.