"في دراسة استقصائية أجريت على 400 شركة تضم كل منها 100 ألف موظف أشارت إلى أن متوسط الخسارة لكل شركة يبلغ 62.4 مليون دولار سنوياً بسبب ضعف التواصل بين الموظفين". مما لا يمكن إنكاره أن ضعف التواصل بين المديرين والموظفين أو بين بعضهم البعض يؤدي إلى ما هو أسوأ من ذلك ليس من الناحية المالية فقط وإنما أيضاً فقدان المصداقية والجودة لهذه المنظومة، فقد يكون المدير هو حجرة البناء أو التعثر لهذا القسم. يعتقد بعض المديرين أن القيادة هي السيطرة والتسلط لمجرد تعيينه كمدير، في حين ينظر جوبا للقيادة بأنها قوة لها مصدران: المصدر الذي يتخذه المدير النصف في مقالنا، والمصدر الثاني للقوة يتعلق بالمكانة الشخصية وما يصحبها من قدرة على التأثير، والذي يمثل القوة غير الرسمية وغير القابلة للتفويض، فجميع القادة بلا استثناء يحظون بالقوة الرسمية الممنوحة لهم، لكن ليس جميعهم يحظون بقوة تأثير الشخصية، فالمدير الذي يمتلك السلطة فقط دون أن يمتلك قوة التأثير يكون في الواقع قد فقد نصف قوته الإدارية، فقد تكون مديراً لعشرات السنين ولكن هذا لا يعني أنك تمتلك الكثير من الخبرات، فإذا كنت تكرر نفس الأخطاء العام تلو الآخر فأنت شخص تقوم بعملك بشكل مكرر وخبرتك هي سنتك الأولى وليست تراكمية بنائية، حاول أن تتعرف على أنماط إدارية أخرى، فالنمط الذي كنت تتبعه قبل سنتين مثلاً قد لا يتناسب من موظفيك الآن، فكر ما النمط المناسب لقيادة منظومتك وقد لا يتماشى مع الكل، بإمكانك إيجاد طريقة أخرى للموظف المخالف لنمطك والذي لا يمكن قيادته بهذا النمط، فالأهواء البشرية مختلفة، فتعزيز أو تأنيب أو تأديب موظف بطريقه قد لا تتوافق أو تتواءم مع الموظف الآخر. حاول ألا تقف في مكانك، اطلع، قس، واسأل عن مدى رضى موظفيك، جاهد ألا تكون معول الهدم لهذا الموظف، لا تطفىء طموحه، أوقد شغفه، ستراه يبذل كل جهده فقط لأنه قد قدر. فمثلاً من النماذج التي قد تواجهنا مع المديرين أن بعضهم وكأنه يتحين الفرصة أن يخطأ حتى يعظم خطأك ويجعلك في دوامة من الشك والخطر، ما هكذا تدار العلاقات سواء في نطاق الحياة العملية والأعمال أو العلاقات البشرية، فالكل في فلكه عوالم وخلجات ما الله به عليم، لنكن أكثر وعياً وعطفاً على الآخرين، ولمن يمتلك القيادة في أي مكان كنت كن مهذباً لنفسك ومشذباً لنوازعها، وفي ديننا الحنيف ما يأمرنا بذلك قوله تعالى (أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين)، هذه صفات المؤمنين الكمل، أن يكون أحدهم متواضعاً لأخيه ووليه، متعززاً على خصمه وعدوه، يلتمس احتياجات أخيه المسلم يعاونه ويشد أزره ويسأل عنه، في مقولة رائعة للكاتب عبدالله المغلوث عن فنيات التواصل مع الزملاء يقول أظهر الاهتمام في غمرة الزحام كرسالة تقدر وتعتز بفريقك أو سؤال عن أحواله، فمثلاً سؤالك عن أحواله أو صحة أحد أفراد عائلته يصنع أثراً في نفسه. ولله الحمد ننعم بوطن يهتم بتماسك ووحدة مواطنيه، فأهم محاور رؤية 2030 الثلاثة هي: بناء مجتمع حيوي، فالمجتمع المتماسك السعيد هو أهم أسس الازدهار الاقتصادي لمجتمع مواطنه مسؤول، وجذوره راسخة تستند على قيم الإسلام السمحة والفخر بالوطن، من أجل تكوين مجتمع بنيانه متين، مع الالتزام بتعزيز التنمية الاجتماعية من خلال تقوية الروابط الأسرية، وبناء شخصيات قوية من خلال التعليم. وأحد أهم برامج المملكة برنامج قادة المستقبل 2030؛ وهو برنامج يختص بتطوير القادة السعوديين على مستوى عالمي، برنامج رائد بفكرته وتنفيذه، فبالإمكان التقديم على البرنامج عبر الموقع بعد تحقيق الشروط المطلوبة سواء كنت شخصاً في القطاع الحكومي أو الخاص، فأجدها فرصة رائعة لأي قائد يرى أن لديه رغبة في تطوير ذاته والارتقاء بمنظومته. ختاماً "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ"، فلنا في رسولنا محمد قدوة حسنة، فاللين والرحمة والكلمة الطيبة والمنطق الجميل مفتاح القلوب والعقول، من يملكهما تفتح له أبواب الخير، دمتم في رعاية الله وحبه.